مخطوطات تجمع بين الحرفية وتجليات الإبداع في معرض »آيات«
ارتبطت معارض الخط العربي منذ القدم بشهر رمضان الكريم، خاصة وأن الخط العربي أحد أبرز إبداعات الحضارة الإسلامية. وفي دبي افتتح صباح الأمس معرض (آيات) للخط العربي في قاعة الخور بفندق بارك حياة بتنظيم من شركة (سويس آرت غيت). وضم المعرض الذي يستمر طيلة شهر رمضان، 17 لوحة لثلاثة فنانين في المنطقة. وتمحورت الأعمال حول مقتطفات من آيات القرآن الكريم، اختارها الخطاطون الثلاثة وهم كل من الإماراتية نرجس نورالدين، والمصري حسام أحمد عبدالوهاب، وخالد محمود النفيسي. وأغلب اللوحات المعروضة تتسم بالحرفية والإتقان، إلى جانب خصوصية أسلوب الفنان.
خصوصيات فنية
تبدو اللوحات في نظر الزائر للوهلة الأولى متشابهة، ولا يمكن تمييزها إلا من خلال التكوين العام لكل لوحة، غير أن التمعن في الأعمال والحوار مع أهل الخبرة، يساعد على التبصر في العمل، وبالتالي القدرة على تمييز خصوصية خط كل فنان وجماليات تكوينه. «البيان» التقت الخطاطة الشابة نرجس نورالدين التي اعتمدت في لوحاتها في هذا المعرض على خط (جلي ديواني). وقالت فيما يتعلق برحلتها مع كل لوحة، (تبدأ رحلتي مع اختيار الآية، وأنتقي منها ما له وقع وارتباط بالزمن الراهن مثل (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى)، أو ما يريح النفس (سلام هي حتى مطلع الفجر).
وتابعت، (المرحلة التالية تكمن في القيام بالعديد من الدراسات والرسومات، وبعد اعتماد التصميم أو التكوين، أقوم باختيار ورق التقهير الخاص بالخط، وهو الورق الخاضع لعدة مراحل من المعالجة لسد مسام سطح الورق، يأتي بعد ذلك معالجة الحبر الطبيعي المستخدم والمصنوع إما من قشر الجوز أو من سخام الفحم، من خلال تمديده بالماء المقطر وإضافة خيوط الحرير للحبر تبعا لنسبة المراد استخدامها في المخطوطة).
كما أشارت إلى مزايا خط الجلي ديواني قائلة، (إنه خط السلاطين، حيث كان يُستخدم حصراً من قبل ديوان السلطان وكانت الفرمانات السلطانية تكتب به، نظراً لفخامته وجماليته التي يستمدها من حروفه المستديرة والمتداخلة، مع بعض الصعوبة في قراءته. ولم يكن يسمح للعامة أو أية جهة باستخدامه. أما من وضع قواعده فهو الخطاط التركي إبراهيم منيف ، في القرن السادس عشر للميلاد في عهد السلطان محمد الثاني).
جماليات الزخرفة
أما لوحات الخطاط المصري حسام أحمد عبدالوهاب (1972) وهو خريج مدرسة محمد ابراهيم للخط في الاسكندرية عام 1998، فتميزت بوحدة كتلة التكوين وانسيابية امتداد حروف التكوين في خط الجلي ديواني نظراً لجمالية زخرفته، واعتمد على الحبر الأسود. وتميزت لوحات الخطاط الباكستاني خالد محمود نفيسي بالتنوع بين الثلث المتمكن منه الذي يعتبر من أصعب الخطوط لكونه يتسم بالصلابة والمتانة والثقل، بعكس أسلوب الجلي الديواني.
مأثرة الخط
قال الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: (الخط الحسن يزيد في الحق وضوحاً)، وقال ابن المقفع (الخط للأمير جمال، وللغني كمال، وللفقير مال.. يوضح الحق، ويُظهر الباطل). وقالت العرب (الخط أحد اللسانين، وحسنة إحدى الفصاحتين)، وقال الشيخ محمد عبده، (إذا كان الرسم ضرباً من الشعر الذي يُرى ولا يُسمع، والشعر ضرب من الرسم الذي يُسمع ولا يُرى، فالخط هو اليد الشاعرة التي تسمع وترى).