السبت، 28 أغسطس 2010

دنيا | عبدالخالق حسين: الفن الإسلامي يخاطب الروح في كل زمان | جريدة الاتحاد


عبدالخالق حسين: الفن الإسلامي يخاطب الروح في كل زمان




تاريخ النشر: السبت 28 أغسطس 2010

مجدي عثمان

استطاع الفنّان التشكيلي عبد الخالق حسين استنباط القيم الجمالية في المخطوطات الإسلامية المصورة من خلال رؤية جديدة للتصميم في المعالجات الجدارية المعاصرة يمكنها أن تثري أساليب التعليم الأكاديمي إلى جانب الاستفادة من المبادئ والنظريات في إيجاد معالجات جدارية مبتكرة، وكان ذلك نتيجة بحثه لنيل درجة الدكتوراه عام 1987 تحت عنوان “معالجات جدارية معاصرة مرتبطة بالدراسة التقنية للمخطوطات الإسلامية” في نظرة جديدة إلى التراث التشكيلي لفن التصوير الإسلامي.

وقال إن الفن الإسلامي خلق توافقاً موسيقياً وهندسياً بين الإنسان والطبيعة، وهو بذلك سبق إلى ما ينشده الفن الأوروبي المعاصر اليوم، حيث توجد فيه وسيلة التعبير التي تحمل في طياتها جوانب الابتكار المتوافق مع الطبيعة والإنسان، مما يدفع المصورين إلى الانجذاب إليه.

وأضاف أن الفن الإسلامي من الفنون التي ما زالت تعيش في وجداننا، وأن دوره كفنان هو البحث عن القيمة الجمالية وليس عن تقنية الأداء، وان الفن الإسلامي يخاطب الروح والحياة في كل زمان، على عكس الفنون الغربية التي اهتمت بالجانب التعبيري المُشخص، فقد كان اهتمامه بالعلاقة اللانهائية من خلال موضوع مجرد، مما جعله أقرب فن لروح التجريد، وأيضاً أقرب الفنون التي تخاطب الإنسان لصدقه في الاتصال مع الطبيعة في عالم أشبه بالفعل الصوفي، ورغم أن الفن الإسلامي يحمل بعض الرموز أو الأشكال المحسوسة، لكن الفنان المسلم تعامل معها في المطلق من دون التقيد بالشكل الظاهري مما أوجد علاقة التجاذب بين المتلقي والقيم الجمالية والتشكيلية التي انتجها فكر الفنان وخياله.

“الخط الأندلسي”

وأكد انبهاره بالخطوط العربية غير المنقوطة الموجودة في المخطوطات الإسلامية القديمة، والتي تمثل البداية لتشكيل الحرف، في حين انه يراها نوعاً من الزخرفة أو الخط المرسوم، حيث تعامل معها على أساس أنها عمل فني وليست حروفاً كتابية، مما دفعه إلى كتابة بعض الجمل والعبارات البسيطة المقروءة في أول الأمر من الخط، حتى استطاع في أواخر السبعينيات من القرن الماضي أن يبتكر أبجدية حروفية بعيدة عن القواعد وأقرب ما تكون إلى الرسم منها إلى الحروف العربية، ومن تلك الأبجدية ظهر “الخط الأندلسي” أحد خطوط الكمبيوتر، وذلك بعد أن تم تنميقه وأخذ شكلاً هندسياً.

وعن تعامله مع البناء التشكيلي للخط العربي قال إنه يبحث في جماليات الخط عن التجريد بالمفهوم العلمي، ويجد الجديد في أشكاله، مؤكداً أن الحروف في أصولها تجريدية لكن الخطاطين الأول جعلوا منها تركيبة توفيقية تخدم وظيفة القراءة، وأنه حينما يقوم بتشكيلها في عمل فني لا يهتم بوظيفتها الأساسية وإنما بجمالياتها التي تُـمتع المتلقي من خلال ما طرحه خيال الفنان.

وقال إنه حينما رسم الزخارف الإسلامية في بداية تعلمه للرسم اكتشف علاقة تلك الزخارف بالخط العربي، بعد أن بحث في الخطوط الموجودة في العمارة الإسلامية وعلاقة الخط بالهندسة المعمارية أو هندسية الخط، حيث وجد أن ذلك فتْح جديد لتناول “موتيفة” الخط خاصة وأن تلك الفترة شهدت اهتمام عدد من الفنانين بالحروف العربية منهم يوسف سيده، ومحمود عبدالله، موضحاً أن جوهر الخط العربي وجماله في الإيقاع الذي يمتاز به عن الخطوط الأخرى، مما جعله يعتمد في أعماله الفنية على القيمة الخطية الناتجة من الإيقاع الحركي للحرف وليس معناه الصوتي.

وأضاف أن الفن لغة عالمية تخاطب الحس الإنساني من خلال القيمة الفنية، وأن اهتمامه الأول هو تقديم طرح جديد للعمل الفني من خلال تنغيم العلاقات الخطية واللونية والأشكال المجردة للحروف العربية وساعده على ذلك المحاولات التجريبية الأولى التي مزج فيها بين المناظر الطبيعية والموديل والخط.

الإيقاع المتجدد

وأكد أن مبدأ الإيقاع المتجدد هو ما يميز الفكر الإسلامي في الفن، وأن ذلك أيضاً موجود في ترتيل آيات المصحف الشريف، حيث تنشأ جماليات خاصة من خلال الإيقاع الصوتي من تتابع الآيات في سلسلة متماسكة كحبات المسبحة، وفي بعض الأحيان تتكرر نفس الآيات لكنها في لقطات مختلفة، تجعلك تحس تغيّر الآية نفسها، ومن ذلك تعامل الفنان المسلم مع عمله الفني كما لو كان يرتل أو يسبح، فيبدأ بخط ما ثم يسترسل معه حتى نهايته فيكون استرسالاً متجدداً ومحبباً يبتعد عن الايقاع المتماثل الذي يفقد القيمة ويبث الرتابة، وقد استفاد الفنان المسلم من ثراء الإيقاع المتجدد في زخرفة منتجه الفني من دون أن يعيد طباعة أي جزء من الوحدة الزخرفية، ولكنه يقلبها من اليمين إلى الشمال ومن أعلى إلى أسفل، وهو ما نجده في أعمال المراحل الأخيرة للفنان هنري ماتيس الذي اعتمد على نفس الإيقاع في اللعب بموتيفة واحدة وحركها بطريقة الفنان المسلم.

تعظيم القيمة الجمالية

أشار عبدالخالق حسين إلى تطور الفنون الإسلامية كنتاج لخبرات تراكمية حاول الفنان المسلم من خلالها تعظيم القيمة الجمالية وإعادة صياغتها برؤية متطورة، بعد أن أصبحت واقعاً مادياً توالد بفعل الاستمرار والجهد المتعمق لعمل يعشقه ويقدسه، مؤكداً أن الفن الإسلامي لا يرتبط بفترة زمنية محددة وبذلك تجده مستمراً في كل ما نتناوله من فنون تطبيقية بغرض النفع، وأن معالجة الأفكار في الفن الحديث تمثل روح الفكر الإسلامي، حيث يبحث الفنان المعاصر عن المطلقات المجردة.

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels