الأربعاء، 18 أغسطس 2010

دنيا | صبري السيد: الحروف العربية المرنة أهم أدوات التشكيل الإسلامي | جريدة الاتحاد


خرج عن الكتابة البحتة إلى الوظيفة الزخرفية
صبري السيد: الحروف العربية المرنة أهم أدوات التشكيل الإسلامي

تاريخ النشر: الأربعاء 18 أغسطس 2010

مجدي عثمان

يرى الفنّان صبري السيد أن المزخرف الإسلامي استطاع أن يولد من الكتابة أنماطاً زخرفية مختلفة، ساعده فيها خياله الخصـب، وسهلت عليه مهمته طبيعة الحروف العربية المرنة والطبعة، وشكلت هذه الكتابات المزخرفة ظاهرة مهمة من ظواهر الفن الإسلامي، لأن الحروف العربية خرجت عن صفتها الكتابية البحتة إلى صفة زخرفية فأصبحت من أنواع الزخارف البنائية.

التراث الحضاري

أعمال الفنان صبري السيد تستلهم كل القيم الجمالية المتمثلة في التراث الحضاري من خلال ثلاث مراحل فنية مختلفة، تأتي المرحلة الثانية منها لتؤكد اهتمامه بسمات التراث الإسلامي في تكوينات ذات رؤى حديثة ومعاصرة تظهر واضحة في بنائية اللوحة بعناصرها الإسلامية الأصيلة وزخارفها الأرابيسك، واستعماله للخط العربي مزاوجاً لعناصر اللوحة الزخرفية في تحاورها سلباً وإيجاباً، واستعمل فيها ألوان الطباعة بشكل مغاير لشفافيتها التي تكاد تقترب من معطيات الألوان متأثراً بتخصصه في طباعة وصباغة الأقمشة مع الاهتمام بتحقيق ملامس جديدة لسطح اللوحة.

وأوضح أن أعماله الإبداعية ليست إعادة لاستخدام الفن الإسلامي، ولكنه تأثر بهذا الفن ضمن باقي الميراث الفني المصري واستطاع أن ينمي شخصيته الفنية أثناء رحلته، مؤكداً أن الفن لا يتجزأ، وإنما تختلف وسائطه التطبيقية التي يبدع بها الفنّان، بعد أن يستقل ويبتعد عن الإملاءات التي تكون مفروضة ضمن التدريبات المختلفة أثناء الدراسة الأكاديمية للوقوف على القيم الخطية وبناء التصميم وخلط الألوان وتحضيرها بالنقل من بعض العناصر والتي منها نماذج للفن الإسلامي، حيث درس الخط والنسيج معاً، وظهر من ذلك أن الهدف الأول من الخطوط هو إعطاء مضمون معين مرتبط بجوهر الإسلام والقرآن الكريم.

الفن الجميل

وقال: في الفن الجميل قلما يأتي التنفيذ مساوياً للتصميم لأن الفكرة لا تسبق العمل الفني بل هي كثيراً ما تتحد وتتطور وتكتمل من خلال عملية الإبداع نفسها، ولهذا فإن الفنان أشد المبدعين حاجة إلى أن ينظم الأحاسيس الداخلية بالاستناد إلى العوامل الخارجية.

وأوضح أنه عندما فكر في اختيار موضوع بحث للحصول على درجة الدكتوراه عام 1979 وكان عنوانه “دراسة القيمة الفنية للخط الكوفي على المنسوجات الإسلامية وبحث إمكانية الاستفادة منها في تصميم المعلقات المطبوعة” كانت هناك عوامل كثيرة أملت عليه اختياره، في مقدمتها التراث الحضاري التشكيلي الموروث عن المسـلمين الأوائل، وما سجلوه على المنســوجات من نصوص خطية كوفية تتضمن إلى جانب النواحي السياسية والتاريخية قيماً جمالية لها أسس وقواعد، رأى أنها جديرة بالدراسة العلمية، للاستفادة منها في ربط الفن التشــكيلي المصري المعاصــر بتراث قـومي لا تزال به جوانب تثري الذوق الحديث.

وأكد أن الخط العربي من أبرز الوسائل الفنية التي تواصل بها الفنّان المسلم في موضوعاته المختلفة، بحيث لا نكاد نجد عملاً فنياً إسلامياً ليس للخط فيه مكانته البارزة والمسلمون كتبوا في أول أمرهم بالخط الحميري أو الأنباري على شكلين هما التقوير والبسط، والأول هو التدوير أوالتقويس للأحرف وهي من صفات الخط اللين، والثاني هو رسم أجزاء الحروف مستقيمة لا تقوس فيها وهو من أهم صفات الخط الكوفي، وكان خط التقوير يستعمل في الشؤون اليومية لأنه أسهل وأطوع في الكتابة، بينما يستعمل الخط الثاني عادة في المسائل الرسمية.

وأشار إلى أن الخط الكوفي على المنسوجات الإسلامية رغم رضوخه للأصول الهندسية فإن له نصيباً وافراً من الجمال، وأصابه الكثير من الترطيب الذي خفف من شدة جفافه وأزال منه الروح الصناعية التي تصاحب الأوضاع الهندسية، وهذا الترطيب ظهر في بعض حروف هذا الخط مثل أشكال الراء والنون والواو والياء والصاد والطاء وغيرها.

فتح مصر

وأكد أن فتح مصر كان إيذاناً بنشأة فن تصويري جديد ظهر على المنسوجات معتمداً في تكوينه على أسس رئيسية هي الروح الإسلامية، والطابع العربي والتقاليد الفنية القبطية التي كانت سائدة في مصر قبل دخول الإسلام، ومن العلامات التي تميز النسيج الإسلامي عن القبطي في ذلك الوقت هو ظهور الشريط الزخرفي في وضع أفقي بدلاً من الوضع الرأسي، كما أصبحت هذه الأشرطة الزخرفية تنسج مع الثوب في نفس الوقت وليست مضافة إليه.

وعن فنون المنسوجات في العصور الإسلامية قال إن الفاطميين اهتموا بمظاهر التحضر المختلفة، ومنها التصوير، مما أدى إلى ازدهاره وانتشاره على المنسوجات.

وقال إنه إذا كان كل مجتمع قد تميز بفن من الفنون، وجد فيه التعبير الحقيقي عن روحه وشخصيته وطابعه وطموحه، واستخدامه روح الابتكار اللازمة لنهضة ما، فإن الخط العربي كان وسيظل هو الفن العربي الأصيل الذي يعبر بصدق عن الروح العربي وطموحه وآماله، إضافة إلى تميزه بمتعة روحية كبيرة.

وأشار إلى أن إعجاب المسلمين بالخط لا يقف عند قيمه الجمالية بل تعداها إلى العاطفة الدينية، ولذلك صار المسلمون ينظرون إليه نظرة إكبار وتقديس، كما أن عنايتهم بالخط أيضاً كانت نتيجة أنه وسيلة للتعليم والعلم لديهم.

أبعاد مكانية وزمانية

ابتكر الفنان صبري السيد نتيجة لدراسة القيم التشكيلية والجمالية لتلك المنسوجات في العصور الإسلامية المختلفة أبجديتين تشكيليتين مستوحياً الأولى من الخط الكوفي البسيط، والثانية من الخط الكوفي المتطور، واهتم بأن تحمل الأبجديات أهم مميزات الأبجديات القديمة من حيث الشكل العام والقانون الهندسي الذي شُكلت به هذه الأبجديات الكوفية، لإنتاج أبجدية تفيد في تركيب لوحة فنية ذات أبعاد مكانية وزمانية، ولا تعبر عن نفس المضمون اللفظي للحروف، وإنما تعبر عن قيمة تشكيلية بحتة، وكل أبجدية مكونة من 18 حرفاً تستند في تركيبها إلى قاعدة هندسية ثابتة كعنصر تشكيلي أساسي في بناء تصميماته الفنية.

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels