قلق الفنانين الموريتانيين من التدخل الإسلامي
2012-03-29
يبدي الفنانون الموريتانيون قلقهم من إمكانية "تقليم أظافرهم" لخدمة أغراض سياسية إسلامية.
الربيع ولد ادوم من نواكشوط لمغاربية – 29/03/12
مغاربية أجرت هذا اللقاء مع أحمد ولد حبيبي، الدكتور في النقد الثقافي والمخرج المسرحي الموريتاني، لفهم أسباب قلق الفنانين حول "أسلمة" المشهد الفني في البلاد.
مغاربية: لماذا اعترضتم على ندوة 12 فبراير "لقاء الفقه والفن" التي نظمتها جمعية المستقبل؟
أحمد ولد حبيبي: الحقيقة اللقاء الأخير بين العلماء والفقهاء جاء بمبادرة من جمعية المستقبل. وحسب أمينها العام فقد جاء نتيجة تفكير معمق ونقاش بين العلماء في قضايا تتعلق بالفن والمجتمع والدين، وفي هذه العلاقة الثلاثية، يبدو أن العلماء توصلوا لقناعة بالحوار مع الفنانين.
لكن ما حدث أن عددا من الفنانين وبدل الدخول في جدل فكري وفني وجمالي وديني مع الطرف الآخر كانوا يجددون التوبة، وهذا ملفت للانتباه.
وهنا يجب القول أن المبادرة في حد ذاتها مفيدة، هذا أكيد ولكن يجب توضيح الأمور وعدم الخلط بين المفاهيم والمشاريع. فجمعية المستقبل هي جزء من المشروع الإسلامي في موريتانيا، وإطلاق هذه المبادرة باتجاه هذه الفئات الهشة في المجتمع حتى الآن (فئة الفنانين الشعبيين) وغير القادرة على إنتاج خطاب معرفي أو بلورة مشروع اجتماعي، لن يكون متوازنا أمام الطرف الآخر وهو علماء الدين وهو طرف متمكن ولديه مشروعه السياسي والثقافي والديني بل ومشروعه المجتمعي، لذلك سيكون من الواضح أن الهدف سيكون أسلمة الفن وإدخال الخطاب الفني تحت عباءة الخطاب الديني، أو البحث في توظيف الخطاب الفني لأغراض سياسية لاحقا.
مغاربية: هل هذا التخوف له مبررات تاريخية؟
ولد حبيبي: أعتقد أن التيار الإسلامي لديه مشروعه الثقافي والفني الخاص في الساحة وقد تدخل الإسلاميون في الساحة الثقافية وطنيا وعربيا، بهدف قولبة أو أقلمة الممارسات الفنية مع الخطاب الديني. حدث ذلك في مصر وفي منطقة الخليج حيث تم تقليم أظافر الخطاب الفني حتى لا يشكل إزعاجا لخطاب الإسلامي السياسي.
فالفن هو أداة الحرية وفضاء لممارسة الإبداع دون قيود تذكر ودون مواعظ. والفقه هو مجال تحديد الضوابط الدينية والأخلاقية دون منازع.
مغاربية: ماهي الأدوات التي تمتلكها المجموعات الدينية المحافظة والتي تجعلها قادرة على اختراق الساحة الفنية؟
ولد حبيبي: لدى المؤسسات الدينية الإمكانيات المادية ولديها الخطاب الوعظي الأخلاقي، خاصة أن هذا الخطاب يلامس قلوب المجتمعات التي لا تزال تحت سلطة المقدس بالمعني الإجتماعي، وتؤمن بنوع من صكوك الغفران، وشهادات حسن السيرة والسلوك.عندما تشاهد فنانين يجددون التوبة أمام العلماء، تفهم أنهم مأخوذون بالخطاب الوعظي، والحقيقة أن الفن يجب أن لا يخضع لسلطة العلماء ولا الواعظين، لكي يظل حرا وإبداعيا ومتعددا.
مؤسسات العمل السياسي الإسلامي لديها رصيد بشري وإمكانيات مادية وفكرية يمكن من خلالها إقناع الفئات الهشة من الفنانين وإعادة صياغة المجتمع الفني في قالب واحد ولكن هذا خطأ لأن الساحة الثقافية تحتاج إلى التنوع والاختلاف والإبداع ولأن الأحادية ضد التعددية وهذه الأخيرة هي الميدان الوحيد للحرية وخاصة حرية التفكير.
مغاربية: كيف يعتزم المفكرون الليبراليون الحفاظ على التعددية الثقافية في موريتانيا؟
ولد حبيبي: الحقيقة أن عناصر الوسط الثقافي الحر يمكن تقسيمها إلى قسمين: الليبراليين المثقفين من إلإعلاميين والأساتذة والكتاب والشعراء وهؤلاء قادرون على الدفاع عن مشروعهم الثقافي الحر. لكن الخطاب وجه بعناية إلى الحلقة الأضعف في الوسط الثقافي الليبرالي، وهم الفنانين بالمعني الشعبي وهو وسط غير مهيئ لا سياسيا ولا ثقافيا للدفاع عن ما ينتجه لأنه نتيجة صيرورة اجتماعية، أعتقد أن الصراع الحقيقي سيكون بين الليبراليين الذين يملكون مشروعا اجتماعيا يهدف إلى التحرر من العقليات بهدف صياغة مجتمع منفتح ومتعدد وبين الخطاب الذي يريد صياغة مجتمع الأمة الواحدة والعقل الواحد.
نحن إذا أمام عقلين مختلفين.عقل ديني وعظي وأخلاقي له مريدوه ومؤثر جدا وعقل علمي ليبرالي ومادي يقيس الأشياء بطريقة مختلفة واقعية ومبنية على تقديس حرية الإبداع التفكير وعدم السيطرة باسم الدين، الساحة الثقافية الوطنية ليست مهيأة لارتداء النقاب في هذه المرحلة، وهذه هي قناعتنا.
مغاربية: كيف تنظرون إلى النتائج المرتقبة لهذا الصراع الثقافي؟
ولد حبيبي: نحن منفتحون على كل جبهات الحوار وعلى كل الأفكار والمشاريع، ونؤمن أن الحوار الثقافي هو أساس النهضة ومحك التجربة. ولكننا نؤكد أن هذا الحوار يجب أن يكون متكافئا، الحجة بالحجة والمشروع بالمشروع، وأن يتأكد الجميع أن الدين لله والوطن للجميع.
موقع مغاربية كلّف مراسلين محليين تحرير هذه المادة.