متحف العنصرية* رشيد حسن
كعادتها في احتراف التشويه والتزوير، وتسمية الأشياء بغير أسمائها, أعلنت حكومة العدو الصهيوني عن إقامة «متحف السلام» على أنقاض مقبرة «مأمن الله» الإسلامية، بعدما تم تجريف هذه المقبرة والتي تضمن رفات الصحابة والتابعين وجنود الفتح العظيم، والاعتداء الفاضح على حرمة الأموات، دون أدنى اهتمام أو اعتبار لمشاعر المسلمين، ونداءات المنظمات الدولية، بضرورة الكف عن هذه الجرائم الدنيئة، التي تطال الأحياء والأموات، والبشر والشجر والحجر، وضرورة احترام القوانين والأعراف الدولية. ليست هي المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي يصر فيها العدو الصهيوني على تنفيذ خططه ومخططاته التهويدية التوسعية، ضاربا عرض الحائط بالقانون الدولي، فوجوده ككيان أساسا، تزوير للتاريخ.. فهو كيان غاصب أقيم بالقوة المسلحة، وبمساعدة كاملة من بريطانيا ، على أرض فلسطين العربية، لتنفيذ مؤامرة استعمارية خطيرة، تهدف إلى حل المسألة اليهودية في أوروبا، على حساب الحقوق العربية الفلسطينية، وإقامة قاعدة وجسر للاستعمار الغربي للعبور إلى العالم العربي، والسيطرة على مقدراته وثرواته الهائلة، وذلك ما تحقق بالفعل، منذ أن أكد الرئيس الأميركي ترومان، والذي اعترف بدولة العدو بعد دقائق معدودة من إعلانها، بأن استراتيجية أميركا في الشرق الأوسط، تقوم على عاملين رئيسين: الحفاظ على أمن إسرائيل وتفوقها، وضمان وصول امدادات النفط العربي إلى الغرب بأسعار زهيدة. وزيادة في التفاصيل، فالكيان الصهيوني هو كيان عنصري، وهذا ليس محض ادعاء، بل هو ما تؤكده الحقائق والوقائع، ويكفي للتدليل على ذلك أن العدو شرع أكثر من 30 قانونا عنصريا للتضييق على أهلنا في المثلث والجليل والنقب، كان آخرها تغير الأسماء العربية إلى عبرية، وتحريم الاحتفال بذكرى النكبة، وتغريم كل إسرائيلي يقوم بتأجير عقار للعرب..الخ إلى جانب القيام بإحراق أكثر من 18 مسجدا حتى الآن، أولها إضرام النار في الأقصى لأكثر من مرة، وآخرها إحراق مسجد في منطقة نابلس قبل أيام معدودات، فيما اعتبرت المنظمات الدولية الانسانية أن العدو مارس العنصرية والتطهير العرقي، حينما قام بمنع أكثر من 19 ألف فلسطيني منذ العام 1967 وحتى الآن من العودة إلى المناطق المحتلة، بحجة انتهاء مدة التصاريح التي يحملونها. إن الجرائم وحرب الإبادة ، التي تلازمت مع إنشاء وإقامة كيان العدو، وأصبحت جزءا من هذا الكيان، لا يعيش بدونها، تعبر عن عنصرية حاقدة، وقد بلغت أكثر من 100 مجزرة، كما يقول المؤرخ الفلسطيني سلمان أبوستة، ولم يكتف بذلك، بل ان ما يقوم به الإرهابي نتنياهو، من تغييرات ديمغرافية وجغرافية في مدينة القدس، تؤكد هذه العنصرية، والتي تطورت كما تقول الناشطة الفلسطينية حنين الزعبي، لتصبح فاشية لدرجة أن مدير مدرسة في تل أبيب عاقب تلميذا لأنه تكلم بالعربية مع زميله..!! باختصار...متحف العنصرية، هو تجسيد حقيقي للكيان الصهيوني، وتجسيد لجرائم التطهير العرقي التي يمارسها ليلا ونهارا، وتجسيد لخطورة هذا الكيان وهو ينتهك القوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان، بدون أدنى وازع من ضمير وأخلاق. وهي في النهاية، صفعة لواشنطن قبل غيرها، التي تصر على دعم هذا العدو المحتل، وترفض استصدار قرار من الأمم المتحدة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.....انها سياسة الكيل بمكيالين . Rasheed_hasan@yahoo.com
التاريخ : 11-06-2011