الخميس، 9 يونيو 2011

شركة وعَالمٌ يلعبان بالتاريخ الأثري لمرفأ بيروت

شركة وعَالمٌ يلعبان بالتاريخ الأثري لمرفأ بيروت


رأت الشركة أن من غير المنطقي أن تكون الزلاقتين من مرفأ
تجهد شركة فينوس العقارية في بيروت لتدمير موقع المرفأ الفينيقي المكتشف في منطقة ميناء الحصن. ولم تتردد الشركة، في غير مناسبة إعلاميّة، في سرد مغالطات علمية واستخدام «علماء» آثار للوصول إلى... هدفها
جوان فرشخ بجالي
قبل بضعة أسابيع، قرر عالم الآثار هشام صايغ «فضح» قضية المرفأ الفينيقي المكتشف في بيروت، والذي يتميز بزلّاقتين منحوتتين في الصخر، كل منهما بعرض يزيد على أربعة أمتار. الزلاقتان لم يُعثر على مثيل لهما قبل اليوم في لبنان، بلد الموانئ القديمة. وأكد صايغ أنهما فينيقيّتان تعودان إلى القرن الخامس قبل الميلاد. لكن الشركة العقارية قرّرت دحض جميع البيانات الاثرية واستخدام الطوبوغرافيا وتقرير الخبير هانز كورفرز لتثبت أنّ المنطقة لم تكن مرفأً، ولم يستعملها الفينيقيون.
رأت الشركة أن من غير المنطقي أن تكون الزلاقتين من مرفأ، لأن «البحر يبعد نحو 231 متراً عن الموقع، والأرض الصخرية ترتفع ما لا يقل عن 8 أمتار عن موقع البحر بحسب المسح الطوبوغرافي الحالي». هنا، لا بد من الإشارة إلى أنّ علماء الآثار لا يعتمدون في دراساتهم على موقع البحر المتوسط حالياً لأن مستواه في العصور الفائتة كان أقل ارتفاعاً، وامتداده على اليابسة كان أوسع مما هو عليه اليوم. فالعالم الفرنسي كريستوف مورانج، أكّد في دراسته مع بعثة المتحف البريطاني، أن مرفأ صيدا الفينيقي يقبع حالياً تحت الأسواق خلف خان الإفرنج لأن الشاطئ كان هناك!
واستعملت الشركة العقارية («النهار» 2/5/2011) تقريراً لعالم الآثار الهولندي هانز كورفرز جزم فيه بأن منطقة ميناء الحصن لم «تكن مأهولة قبل الفترة الممتدة من القرن الثالث الى القرن الرابع». قد تكون تلك هي الحال بالنسبة إلى المواقع التي اكتشفها كورفرز، لكن، كيف له أن يؤرخ آثاراً لم يطّلع عليها؟ واستعان كورفرز بدراسات سابقة ليؤكد أنّ «الفينيقيين اعتمدوا على السلسلة الصخرية الضئيلة العمق المحاذية للشواطئ لبناء المرافئ. وهذا ما تؤكده المكتشفات في صور وصيدا وجبيل وطرابلس، وما لم يتوافر في الشاطئ المقابل للعقار 1398، حيث إن السلسلة الصخرية المحاذية للشارع على ارتفاع ما لا يقل عن 8 أمتار». لكن، في هذا الادعاء تضليل للرأي. فباستثناء صيدا، لم تحافظ أي من المدن المذكورة على سلسلتها الصخرية. من هنا، تأتي أهمية الأبحاث الحالية في جبيل لتحديد شكل المرفأ القديم ومكانه. ومعروف أن الفينيقيين اعتمدوا طرقاً مختلفة لنقل البضائع الى البحر متأقلمين مع الواقع الجغرافي. لذا، يمكن أن تكون الزلاقتان المكتشفتان خارج المرفأ الأساسي، لكن ضمن مرفأ صغير قريب تنقل قوراب صغيرة البضائع منه إلى قوارب كبيرة متوقفة في عمق البحر، كما كان يجري في جبيل مثلاً (بحسب دراسات العالمة البريطانية هونور فروست).
دور الزلاقتين وتأريخهما ليسا النقطة الأساسية في القضية، فالموضوع هو اكتشاف أوّل زلاقتين منحوتتين في الصخر في لبنان!
ليس غريباً أن تطلب شركة فينوس من عالم الآثار الهولندي هانز كورفرز (مقيم في بيروت منذ 1992) أن يدعمها بتأكيد أن الزلاقتين من مقالع حجرية. فكورفرز كان قد أثبت خلال العقد الماضي ولاءه... للمقاولين، ومنصبه الحالي مستشاراً لشركة سوليدير أحد البراهين على ذلك، بالإضافة إلى أنه كان قد أشرف، مكلّفاً من الشركة، على أكثر من 100 حفرية لم يحافَظ على آثار أيّ منها.
إذا كان محزناً أن تسمح الدولة ووزارة الثقافة لهذا العالم بمتابعة عمله في لبنان، فالمؤسف هو الجهد الذي تتكبّده شركة فينوس في تدمير آثار فريدة من نوعها. هذه الشركة العقارية التي تقدّر قيمة مشروعها بـ750 مليون دولار، يمكنها أن تمول عملية المحافظة على الآثار. تخيلوا! أبراج بيروت تحوي آثاراً فريدة من نوعها؟

AlAkhbar
«فينوس» تستخدم عالماً أثريّاً لتدمير المرفأ الفينيقي في بيروت

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels