جريدة النهار ::
حيّ السراسقة العريق الذي تزينه لافتة كتب عليها "حي ذو طابع تراثي" لم يبق فيه من المباني التراثية سوى متحف سرسق ومطرانية الروم الارثوذكس وقصر الليدي كوكرن وجزء بسيط من قصر ليندا سرسق، فيما غزا الباطون والمباني الشاهقة الحي وشوهه وغيّر طابعه وهويته.
منذ ثلاثة أعوام، يشهد العقار الذي يقوم عليه متحف نقولا ابرهيم سرسق اعمال بناء كبيرة اطلقت العنان لشائعات واقاويل تتحدث عن تحويل المكان موقفاً للسيارات، لكن واقع الأمر ان ما يجري هو ورشة تأهيل ضخمة ستعيد احياء المتحف، وتحوله واحداً من اهم المتاحف في منطقة الشرق الاوسط، ومركزاً ثقافياً تقام فيه مختلف النشاطات من معارض وحفلات موسيقية ومحاضرات ومؤتمرات وغيرها...
ومنذ الآن، تعمل اللجنة على تنظيم معرض كبير سيفتتح العصر الجديد لمتحف نقولا ابرهيم سرسق وسيتمحور على بيروت. بحماسة شديدة، يتحدث الدكتور متري عن "هذا المعرض الذي سيضم صوراً ورسوماً ولوحات ونقوشاً من العام 1850 اي منذ بداية ظهور الاعمال الفنية التي تصور بيروت وترسمها. ولهذه الغاية نتنقل ونفاوض ونتصل ونتحاور مع متاحف في الخارج من اجل استعارة بعض الاعمال الفنية التي تتعلق ببيروت، او على الاقل الحصول على نسخ عنها لضمها الى المعروضات. ولن يكون المعرض لعرض اللوحات والرسوم فحسب، بل سيعطي فكرة عن تطور المدينة وتمددها وتوسعها على مدى الأعوام الماضية والقرنين الفائتين. وقد شكلنا فريقاً من المؤرخين والجغرافيين والفنانين لاعداد كتيب عن المعرض يتضمن المعلومات اللازمة عنه ويفيه حقه".
في العام 1961، افتتح متحف سرسق رسمياً. وعلى مدى الأعوام الـ47 من تاريخه صار يضم نحو 5 آلاف قطعة فنية واثرية تتوزع بين لوحات من الفن الحديث وايقونات تعود الى ما بين 100 و150 عاماً، ومجموعات من الفضيات والبرونزيات والفخاريات والزجاجيات وتماثيل حجرية واعمدة وتيجان، اضافة الى كتب نادرة ومخطوطات. ويستضيف على مدار السنة، معارض للفن المعاصر لفنانين لبنانيين ومن الخارج، ومجموعات اجنبية وعربية نقالة.
يعود هذا القصر العريق الى العام 1912 ويعتبر من اروع قصور بيروت القديمة من حيث تصميمه وحجره والنقوش الجميلة والانيقة التي تزين واجهاته واعمدته وشرفاته. ومنذ العام 2008 يخضع لورشة إعادة تأهيل باشراف احد اشهر مصممي المتاحف العالميين الفرنسي جان ميشال فيلموت واللبناني جاك ابوخالد. ويقسم المشروع الى 3 اجزاء:
1- اعادة ترميم القصر القديم واقامة قاعات جديدة في الطبقات السفلية لتستقبل المجموعات القديمة، مع المحافظة على تصميمه الخارجي والدرج الدائري القديم.
2- انشاء 4 طبقات تحت الحديقة القائمة، تضم صالات متعددة الاستعمال، وتستقبل المجموعات الجديدة والمعارض الحديثة، اضافة الى المشاغل ومحترفات الترميم ومختبر للوحات والايقونات وقاعات للاجتماعات والمحاضرات وعرض الافلام وغيرها... وعلى الجانبين، مصعدان زجاجيان وثالث لنقل البضائع.
3- اعادة تأهيل الحديقة بتصميم جديد ونباتات واشجار معمرة، وستقام برك ماء في الوسط ارضها من الزجاج تعكس الضوء الطبيعي على القاعات السفلية. وستخصص المساحات الجانبية منها لقاعة لعرض الكتب وكافتيريا، ولعرض منحوتات وتماثيل حجرية واقامة الاحتفالات في الهواء الطلق.
قريباً، تنتهي الاشغال التي ستناهز كلفتها 12 مليون دولار، ويعود قصرنقولا ابرهيم سرسق من جديد متحفاً للفن المعاصر ومعرضاً دائماً للمجموعات النادرة والثمينة.
متحف سرسق يعود بحلّة جديدة تحفظ أصالته وكنوزه
الورشة تنتهي في 2012 وتكلّف 12 مليون دولار وتحوّله من الأهم في الشرق الأوسط
|
|
متحف سرسق بحلّة جديدة. | الاشغال القائمة في المتحف. |
|
|
الدرج الدائري سيعود. | جدار المبنى المجاور يشوّه المتحف. |
|
قاعة جديدة. (ميشال صايغ) |
منذ ثلاثة أعوام، يشهد العقار الذي يقوم عليه متحف نقولا ابرهيم سرسق اعمال بناء كبيرة اطلقت العنان لشائعات واقاويل تتحدث عن تحويل المكان موقفاً للسيارات، لكن واقع الأمر ان ما يجري هو ورشة تأهيل ضخمة ستعيد احياء المتحف، وتحوله واحداً من اهم المتاحف في منطقة الشرق الاوسط، ومركزاً ثقافياً تقام فيه مختلف النشاطات من معارض وحفلات موسيقية ومحاضرات ومؤتمرات وغيرها...
الدرج باق
رئيس لجنة متحف سرسق الوزير السابق الدكتور طارق متري الذي تولى مهمات الرئيس السابق غسان تويني منذ 2010، اوضح في لقاء مع "النهار" أن "الاعمال الانشائية في الطبقات السفلية انتهت، واقيمت القاعات الجديدة، وبدأت اشغال الداخل من تبليط وانارة وتدفئة وتبريد ووضع منصات العرض واقامة النظام الامني وغيرها من الاعمال التي صممت وتنفذ بحسب احدث المواصفات العالمية، وهذا ما تطلب وقتاً اكثر من المتوقع، وبدأ العمل الآن على الطوابق العلوية والقاعات التي ستقام فوق الارض". وطمأن الى ان "الدرج الدائري الابيض القديم سيعود كما كان، وسيرمم المبنى القديم ويبقى على صورته الاصلية التي لن تتغير، لتقام فيه المعارض الدائمة كتلك التي تضم مجموعة نقولا سرسق التي تركها بكل ما تحويه من أوان ذهبية وفضية وصينية وبلورية اضافة الى كل ما جمعته لجنة المتحف منذ تأسيسها من قطع فنية ولوحات وسجاد وسيراميك وفخاريات، مشتراة او مقدمة هبة. وستخصص قاعات العرض الجديدة في المبنى الجديد للمعارض الموسمية اللبنانية والعالمية".حديقة عمودية
الاعمال تسير على قدم وساق، على أمل ان يكون المتحف جاهزاً للافتتاح في سنة 2012. لكن ما يزعج الوزير متري هو "الحائط الاسود للمبنى المجاور الذي انشىء حديثاً ويطل مباشرة على حديقة المتحف، وينعكس سلباً على منظر المتحف ويشوهه. نحن متضررون جمالياً من هذا الجدار، وسنبحث مع اصحاب المبنى في كيفية التخفيف من اثره علينا". وسيقترح متري "بناء حديقة عمودية تغطي الحائط ، على غرار جدار متحف Qai de Branly في باريس الذي تمتد عليه صفائح من المعدن والحديد المزروعة بالعشب والازهار واللون الاخضر".ومنذ الآن، تعمل اللجنة على تنظيم معرض كبير سيفتتح العصر الجديد لمتحف نقولا ابرهيم سرسق وسيتمحور على بيروت. بحماسة شديدة، يتحدث الدكتور متري عن "هذا المعرض الذي سيضم صوراً ورسوماً ولوحات ونقوشاً من العام 1850 اي منذ بداية ظهور الاعمال الفنية التي تصور بيروت وترسمها. ولهذه الغاية نتنقل ونفاوض ونتصل ونتحاور مع متاحف في الخارج من اجل استعارة بعض الاعمال الفنية التي تتعلق ببيروت، او على الاقل الحصول على نسخ عنها لضمها الى المعروضات. ولن يكون المعرض لعرض اللوحات والرسوم فحسب، بل سيعطي فكرة عن تطور المدينة وتمددها وتوسعها على مدى الأعوام الماضية والقرنين الفائتين. وقد شكلنا فريقاً من المؤرخين والجغرافيين والفنانين لاعداد كتيب عن المعرض يتضمن المعلومات اللازمة عنه ويفيه حقه".
تاريخه ومستقبله
منذ 59 عاماً، اوصى نقولا ابراهيم سرسق بقصره "القائم في العقار 83 في منطقة الرميل وبجميع محتوياته ليكون متحفاً للآثار الفنية القديمة والحديثة المستخرجة من اراضي الجمهورية اللبنانية واراضي الدول العربية ومن الخارج، ومعرضاً للفنون الجميلة من نتاج اللبنانيين"، يحمل اسمه ومشترطاً بقاءه "متحفاً أبداً وسرمداً، ويسجل وتوابعه وقفا"، وأولى عليه من يكون"رئيساً لبلدية بيروت اياً كان ومهما كانت نزعته السياسية".في العام 1961، افتتح متحف سرسق رسمياً. وعلى مدى الأعوام الـ47 من تاريخه صار يضم نحو 5 آلاف قطعة فنية واثرية تتوزع بين لوحات من الفن الحديث وايقونات تعود الى ما بين 100 و150 عاماً، ومجموعات من الفضيات والبرونزيات والفخاريات والزجاجيات وتماثيل حجرية واعمدة وتيجان، اضافة الى كتب نادرة ومخطوطات. ويستضيف على مدار السنة، معارض للفن المعاصر لفنانين لبنانيين ومن الخارج، ومجموعات اجنبية وعربية نقالة.
يعود هذا القصر العريق الى العام 1912 ويعتبر من اروع قصور بيروت القديمة من حيث تصميمه وحجره والنقوش الجميلة والانيقة التي تزين واجهاته واعمدته وشرفاته. ومنذ العام 2008 يخضع لورشة إعادة تأهيل باشراف احد اشهر مصممي المتاحف العالميين الفرنسي جان ميشال فيلموت واللبناني جاك ابوخالد. ويقسم المشروع الى 3 اجزاء:
1- اعادة ترميم القصر القديم واقامة قاعات جديدة في الطبقات السفلية لتستقبل المجموعات القديمة، مع المحافظة على تصميمه الخارجي والدرج الدائري القديم.
2- انشاء 4 طبقات تحت الحديقة القائمة، تضم صالات متعددة الاستعمال، وتستقبل المجموعات الجديدة والمعارض الحديثة، اضافة الى المشاغل ومحترفات الترميم ومختبر للوحات والايقونات وقاعات للاجتماعات والمحاضرات وعرض الافلام وغيرها... وعلى الجانبين، مصعدان زجاجيان وثالث لنقل البضائع.
3- اعادة تأهيل الحديقة بتصميم جديد ونباتات واشجار معمرة، وستقام برك ماء في الوسط ارضها من الزجاج تعكس الضوء الطبيعي على القاعات السفلية. وستخصص المساحات الجانبية منها لقاعة لعرض الكتب وكافتيريا، ولعرض منحوتات وتماثيل حجرية واقامة الاحتفالات في الهواء الطلق.
قريباً، تنتهي الاشغال التي ستناهز كلفتها 12 مليون دولار، ويعود قصرنقولا ابرهيم سرسق من جديد متحفاً للفن المعاصر ومعرضاً دائماً للمجموعات النادرة والثمينة.
may.abiakl@annahar.com.lb
مي عبود أبي عقل