السبت، 6 نوفمبر 2010

إيلاف - إفتتاح معرض للخط العربي في ألمانيا

إفتتاح معرض للخط العربي في ألمانيا
صلاح سليمان

GMT 16:10:00 2010 الثلائاء 2 نوفمبر


صلاح سليمان من ميونيخ: في متحف الشعوب والأعراق في ميونيخ، تم إفتتاح معرض لفن الخط العربي في العصر الإسلامي في الفترة من (22.10.2010ـ20.02.2011) تحت إسم Die Aura des Alif أو" هالة الألف " وفيه مجموعة كبيرة من النقوش والخطوط من مختلف الأقطار الإسلامية تعّرف الزائر علي أهمية الخط العربي في حقب الإسلام المختلفة.

أهمية حرف الألف

لكن لماذا إعطاء هذه الخصوصية لحرف الألف في المعرض كما جاء في الدعاية له؟ تجيب الدكتورة شيفر مديرة قسم الاعلام في المتحف، إن حرف الألف تكمن أهميته لدي الخطاط العربي في أنه يرمز الي التوحيد والله الواحد، وهو ايضا مشابه لرقم واحد في الأعداد وهو الحرف الأول في كلمة لفظ الجلالة الله، إن له أيضا الكثير من الدلالات عند الخطاطين العرب فهو رمز الإستقامة ويري الصوفيون أن باقي حروف الأبجدية قد اشتقت منه كما جاء في كثير من أشعارهم.
جدير بالذكر ان ابن مقلة الذي ولد في احد أحياء بغداد في عام 886 م وتوفي في عام 939 م هو أحد أشهر الخطاطين العرب وكانت له شهرة كبيرة في العصر العباسي، فهو أول من إتخذ حرف الألف كمقياس ثابت لقياس بقية الحروف عليه، ومنذ ذلك الحين والخطاطون العرب يتخذون بداية الألف كأساس ثابت لوضع تصورهم في فن زخرفة الحرف العربي، كما إبتكر أيضا ابن مقلة فكرة التنقيط لضبط الحروف وقام بحسابات عمودية الحروف الأخري بالتنقيط – والتنقيط في كتابة العربية هو أمر لازم لإحداث التوافق والتجانس في كتابة الخط العربي.هذه النظرية الهندسية لإبن مقلة جعلت من السهل علي الخطاط تتبع هندسة الخط بالتنقيط فالحروف العمودية أو الأفقية تتبع حسابات عدد النقط اللازمة في تشكيلها من حيث الطول والحجم.وعلي نفس المنوال تكون الحروف المائلة والمنحنية ويتم ايضا قياسها علي حرف الألف، ويعتبر الخط المتساوي هو الخط الذي يتخذ الألف مقياسا له في الطول والقلم في العرض.ويعتبر الكثير من الخطاطين إن تطبيقات مقاييس الخط هذه مشابهة الي حد كبير لتطبيقات الإيقاع الموسيقي، فانسجام الخط وروعة تصويره هو بمثابة موسيقي للعين يحسها ويشعر بها فناني الخط حتي أن معلمي الخط من كثرة تآلفهم معه يتعرفون علي الأبعاد والمقاييس بل والمساحة دون عناء أو صعوبة تذكر.

الفنون الإسلامية مدخل للتعرف علي الإسلام

قاعات المعرض تمتلئ بأعداد كبيرة من الزوار الألمان، ساعد فيها تلك الهجمات الإعلامية المتوالية علي المسلمين وعلي ثقافتهم في أوروبا مما أثار فضول الكثيرين للتعرف علي جوانب الثقافة الإسلامية المختلفة، يقول السيد "ماتياس هيباك" أحد زوار المعرض إن الخطوط والفنون والثقافة الإسلامية بصفة عامة هي المفتاح الأول للتعرف علي الإسلام، ولاشك ان الإعجاب بها يساعد كثيرا علي تفهم وتقبل هذه الثقافة لدي الأوروبيين.مما لاشك فيه ايضا أن هذا المعرض يفتح عيون المشاهد الألماني علي النواحي الفنية والجمالية في العصور الإسلامية وهي عديدة ومتنوعة ومن أبرزها فن الخط العربي.
جدير بالذكر ان عدد من الأوروبيين كان مدخلهم لاعتناق الدين الإسلامي هو الفنون الإسلامية، فمنهم من أهتم بالعمارة الإسلامية أو بالتواشيح والأغاني الروحية الصوفية أو بالنقوش وزخارف الخط العربي.
يقول "محمد ذكريا" فنان الخط العربي الأمريكي الشهير "أينما وجد الاسلام.. وجد فن الخط " فالخط في زخرفة آيات القرآن الكريم تناسخته كل المناطق التي دخلها الإسلام واهتمت به وكان ذلك هو التعبير الوحيد لدي الفنانيين الإسلامين للتعبير عن مدي إعتزازهم بالعقيدة الدينية.
لقد اثر القران الكريم بشكل كبير علي الخط في كل البلاد التي دخلها الإسلام، وقد برع فيه المسلمون علي إختلاف أعراقهم، فكل عرق طور الخط العربي بأشكال مختلفة كما حدث مع الخط الفارسي في بلاد الهند والسند وخراسان او الخط الديواني كما في تركيا، معروف أيضا ان خط الرقعة هو الذي طوره الأتراك العثمانيون في عام 850.
الفن الإسلامي بشكل عام هو فن تجريدي لعبت أشياء كثيرة كالهندسة والزهور والأرابيسك والخط دورا كبيرا في تمثيله، ولم يحظي التصوير فيه أو رسم الأشخاص بأي إهتمام في مراحله المختلفة إعتقادا بأن ذلك شكل من أشكال الردة والعودة بالإسلام الي عصر الوثنية وعبادة الأصنام، غير أن أحد أهم الصفات التي يتحلي بها الفن الإسلامي هي الفلسفة التي يقوم عليها من حيث الإعتقاد بأن الله هو مركز الكون، لذلك نري بوضوح ذلك جليا في النقوش المتوالدة والمتناظرة التي تتمركز حول عنصر واحد لتدور وتعود الي نفس التكوين.

براعة الخطاطين العرب

كل المعروضات في المعرض من فخاريات وصحون ونقوش جدارية وأسلحة مثل السيوف والخناجر وكل الأدوات اليومية نقشت عليها الخطوط العربية التي تحمل آيات من القرآن الكريم بهدف التبرك والتقرب من الله، ويوضح ذلك مدي بساطة الحياة والإيمان المطلق لدي المسلمين بالعقيدة الإسلامية، فمعظم المعروضات في المعرض هي مجهولة الصانع لأن القصد منها كان تقديم الصالح والمفيد مع عدم الأهتمام بالذات.

أهمية هذا المعرض تكمن في كشف جزء من الثقافة العربية الاسلامية الخالصة للأوروبيين، فالخط العربي هو الفن الوحيد الذي نشأ عربيا خالصا ولم يتأثر بالتأثيرات الوافدة والدخيلة عليه، وكما يقول المستشرقون إذا اردت أن تدرس الفنون الإسلامية فعليك بدراسة الخط العربي.
في المعرض أكثر من 270 قطعة فنية رائعة من مختلف البلدان الإسلامية خاصة من دمشق والعراق ومصر فدمشق كانت عاصمة الأمويين وفيها نشطت حركة العمران فظهرت الكتابات علي الآنيات والتحف وأعتني في ذلك العصر بكتابة المصاحف وزخرفتها، كذلك يجب الاشارة الي إزدهار الكتابة في العصر العباسي ففيه ترسّخت الكتابة بشكل كبير وازدهرت الخطوط وتنوعت، وتشهد تلك المجموعة المختارة في المعرض علي ذلك.

ساهمت عدة جهات في إمداد المعرض بمختلف المعروضات المتعلقة بفن الخط مثل متحف الفن الإسلامي في برلين والمكتبة البافارية في ميونيخ التي تحتوي علي العديد من الوثائق عن الفن الإسلامي، وهي تضم بين جنباتها أكثر من 17 ألف عمل فني إسلامي منها الخط الذي تصل نقوشاته ووزخارفه الي أكثر من 4000 نقش.ومنذ ان انشئت هذه المكتبة في عام 1558 في عهد الملك "هيرتزوج البرشت" وهي تهتم بالأدب الشرقي حتي أنه يطلق عليها الأن انها جسر تواصل بين الغرب والشرق بالنظر الي مدي تغير نظرة المثقفين الي الإسلام من خلال تنظيم تلك الاعمال الفنية في خلال المئة سنة الاخيرة

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels