azzaman
كيف يؤثر الفن الاسلامي علي النتاج الابداعي الاوربي؟
روائع المعمار الغربي لم تخل من لمسات إسلامية
عبدالرضا صالح
علي الرغم من ولادة الرسالة الإسلامية بين جوانح الجزيرة العربية إلتي كانت تتصف بالبداوة والتناحر بين قبائلها التي لا تعرف غير السيف فخرا والشعر ـ ظهيره ـ مجدا، لأنه لسانها الذي يصف بطولاتهم ويذيع حوادثهم ويسجل وقائعهم التي يفخرون بها ولهذا لم يكن للفن نصيب في حياتهم، كما أن بيئتهم الصحراوية لا تحتوي علي صخور الرخام ولا الفلسفة التي كان الإغريق يمتلكونها فراحوا ينحتون التماثيل لآلهتهم ويمجدون قصصها.
ولكن بعد انتشار الإسلام وامتداد أذرعه الطويلة إلي البلاد العربية كالعراق وبلاد الشام ومصر والتي تمتلك إرثا حضاريا عظيما وموروثا ثقافيا ضخما في جميع صنوف العلوم ومنها الفن انبثقت من جديد حركة الفن بصيغة جديدة فاجأت بها الشعوب الأخري بقدراتها الفعالة وبفكرها الإبداعي علي كافة الأصعدة وكانت للتجارة والفتوحات الأثر الكبير في انتشار هذه الفنون بين شعوب العالم.
إن احتكاك المسامين واختلاطهم بغيرهم من الأمم مهد لهم التعرف علي فنونها فأخذوا منها ما لا يتعارض مع شريعتهم وقاموا بتطويره وأضافوا إليه وأبدعوا في تكوينه واستحدثوا فنونا جديدة لم تشهدها تلك الحضارات حتي أصبحت فيما بعد محط إعجاب وتقدير تلك الشعوب، ومن هنا بدأ التأثير الفني العربي الإسلامي ينمو وينتشر بين فنون تلك الأمم.
ففي فن العمارة أثبتت الحفريات عن روائع القصور التي شيدها المسلمون، ونشير هنا إلي تأثير القرآن الكريم في ازدهار هذا الفن وتقدمه بما وصفته بعض الآيات الشريفة من النعيم والترف في الآخرة وعلي سبيل المثال لا الحصر (لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار..)(1) ومن ذلك شيدت المساجد والقصور والخانات والحمامات بطرز هندسية رائعة، ولقد ابتدعوا عناصر كثيرة في البناء وطوروا عناصر أخري أثرت في المباني الأوربية ولا تزال الكثير من العقود والشرفات والمآذن في فرنسا وصقلية تشهد بهذا التأثير وتنطق به ومن أمثلة ذلك قصر الحمراء في غرناطة في الأندلس الذي شيده المسلمون ومسجد بيت المقدس وقصر المشتي الذي بناه الوليد الثاني 125 ه / 643 م في صحراء البلقاء وتم الكشف عنه سنة 1872 م ووجه أحد علماء الآثار (غليوم الثاني) إمبراطور ألمانيا إلي قيمة هذا القصر فأهتم به القيصر شخصيا وأستطاع بلباقته أن يغري سلطان تركيــــــا السلطان عبد الحميدأن يهديه واجهة هذا القصر فنقلت عام 19.3 م حجرا حجرا إلي برلين حيث أعيد بنائها في متحف الدولة هناك.
وقد استخدم المعماريون المسلمون الفسيفساء في تغليف واجهات قصور الأمراء المسلمين كما هو الحال في القصر الأموي الذي تتصدره لوحة كبيرة الحجم من الفسيفساء
أما في فن الكتابة والخط العربي فأن أعجاب الفناني الغرب فيه وانبهارهم في تشكيلاته وأنواعه راحوا يكتبون حروفهم اللاتينية بنفس الطريقة التي يكتب بها الفنانون المسلمون لذا يظنها المشاهد لأول وهلة أنها كتابات عربية، وأكبر شاهد علي ذلك ما نقله الدكتور محمود عبد الرزاق عن كتاب تراث الإسلام للكاتب كرستي في تأثير الفنون الإسلامية في الفنون الأوربية عن الدينار الذهبي الموجود في المتحف البريطاني والذي يحمل علي أحد أوجهه كتابة كوفية نصها() (لا ألاه إلا الله وحده لا شريك له وعلي الوجه الآخر كتابة لاتينية نصها offa rex) ) أي الملك أوفا وتجري علي حافة هذا الوجه كتابة كوفية نقرأ فيها (محمد رسول الله أرسله بدين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون)(2) وهي من النصوص التي كانت مكتوبة علي الدينار الإسلامي في عصر الدولة الأموية وأكيد إن الذي كتب علي هذا الدينار والذي أمر بكتابته لا يعرفان معني هذه الكتابة ولو كانا كذلك لما رضيا بها لأنها تتعارض مع معتقداتهم الدينية.
أما في فن الزخرفة الذي ابتدعه العرب المسلمون فقد نال إعجاب الشعوب الأوربية في الرقش (التو ريق) والحفر والكتابة والتشكيلات الهندسية التي كانت محط إعجاب لديهم فعمدوا إلي استخدام الزخرفة في تزيين أوابدهم المعمارية وفي الخزف والنسيج وفي جميع مجالات الفنون الأخري، ولقد تأثر فنانوهم بالزخرفة العربية الإسلامية تأثيرا كبيرا ويتضح ذلك في الكثير من أعمالهم، ولقد عثر في أحدي كراسات الفنان الكبير (ليوناردو دافنشي) علي تخاطيط هندسية أسلامية.
أما بالنسبة للنسيج فقد شاع صيته في ألأسواق الأوربية واقبل الناس علي شرائه وتفضيله علي منسوجاتهم مما حدا بالنساجين هناك إلي تقليده وإخراجه مشابها لها إلا أن الشعوب الأوربية كانوا يعرفونها من خلال جودت نسيجها ودقة حياكتها وجمال منظرها وروعة زخرفتها وحسن ألوانها. وكانت معروفة من أسمائها الواضحة من ألفاظها بأنها عربية إسلامية التي اشتهرت بها مثل Muslin المأخوذة من أسم المدينة العراقية الموصل أو الجراندين Grandine المأخوذة من أسم المدينة الأندلسية غرناطة، وكلمة Ricamo المشتقة من الكلمة العربية رقم ومن ألأمثلة الغريبة علي تأثرهم بهذا النوع من الفن هو ما نسجت به عباءة التتويج التي كان يتوارثها أباطرة الدولة الرومانية والتي كانت تزدان بحاشية مطرزة بالكتابة العربية بالخط الكوفي جاء فيها (مما عمل بالخزانة الملكية بالسعد والإجلال والكمال، والطول والأفضال، والقبول والمقبال والسماح والإجلال، والفخر والجمال، وبلوغ الأماني والآمال، وطيب الأيام والليالي بلا زوال ولا انتقال، بالعز والدعاية، والحفظ والحماية، السعد والسلامة والنصر والكفاية بمدينة صقلية سنة ثمان وعشرين وخمسمائة).
1 ـ سورة الزمر آية 20
2ـ هذا النص مأخوذ من عدة آيات وردت في القرآن الكريم
/3/2011 Issue 3845 - Date 14-
أرشيف المدونة
-
▼
2011
(147)
-
▼
مارس
(8)
- The Daily Star - Arts & Culture - Man, God, passio...
- صحيفة الاقتصادية الالكترونية : المشرف على مركز الب...
- azzaman روائع المعمار الغربي لم تخل من لمسات إسلامية
- الموقع الرسمي لجريدة الشرق القطرية
- جريدة الجريدة :: ثقافات :: المتحف البريطاني يتألّق...
- أخبار لبنان - ليبانون فايلز
- :: العرب اليوم :: الكشف عن المخططات (الاسرائيلية)...
- WAM :: وفد هيئة المخطوطات الإسلامية العالمية في كا...
-
▼
مارس
(8)
المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد
About This Blog
Labels
- آثار (5)
- آثار ذكرت في القرآن (1)
- آثار رومانية آثار العصر الحديث (2)
- آثار عثمانية (3)
- آثار فرعونية (1)
- آثار فينيقية (2)
- آثار قبطية (1)
- آثار يونانية (1)
- آثارإسلامية (3)
- ائمة التراث العالمى باليونسكو (1)
- أزياء (2)
- استرداد الآثار (3)
- اسرائيل (7)
- أضرحة ومقامات الأولياء (1)
- أضرحة ومقامات الصحابة (1)
- إعلان القاهرة لحماية الآثار الإسلامية (1)
- أفغانستان (2)
- أكاديمية القران والتفسير التركية (1)
- إكتشاف آثار (3)
- إكتشاف آقار (1)
- الآثار النبوية (1)
- الآثار في نصوص الأدب (1)
- الآثار وحكمها الشرعي والقانوني (5)
- الأحساء (1)
- الأردن (2)
- الإسلام والغرب (1)
- البسط والمنسوجات (1)
- التابوت (1)
- التراث الشفاهي (1)
- التوابيت (1)
- الحفر (1)
- الخط (2)
- الخط الإسلامي الهندي (1)
- الخط الرقمي (1)
- الخط العربي (11)
- الرسم (2)
- الزخرفة (1)
- السعودية (11)
- السلفية الجهادية (1)
- الشارقة (1)
- الصين (1)
- العراق (3)
- العمارة والفنون الإسلامية (1)
- الفنون الإسلامية (8)
- الفهرسة (2)
- القدس (3)
- الكتابة (2)
- الكتب (1)
- الكويت (3)
- اللغة العربية (2)
- ألمانيا (1)
- المخطوطات (3)
- المدرسة الحميدية (1)
- المسجد الأقصى (3)
- المصحف الايراني (1)
- المصحف التركي الالفي (1)
- المكتبات (1)
- المنمنمات (1)
- الموسيقى (1)
- الموصل (1)
- النجف (1)
- النحت (2)
- النسخة الاصلية لإنجيل برنابا (1)
- اليمن (2)
- اليوم العالمي للمتاحف 18 أيار (1)
- اليونسكو (1)
- إيران (2)
- بغداد (1)
- بيع الآثار (2)
- تاريخ الطباعة العربية (2)
- تحميل كتب (1)
- تدمير الآثار (26)
- تركيا (6)
- ترميم الآثار (2)
- ترميم الآقار (3)
- تزييف الآثار (1)
- تطور المصحف الشريف عبر التاريخ (2)
- تلاوة القرآن الكريم (1)
- تلف (2)
- تهريب (2)
- جبل حراء (1)
- جبيل (1)
- جمع الآثار (1)
- جمعيات (1)
- حجر سجيل (1)
- حصر وتوثيق أمهات المصاحف (2)
- حماية الآثار (5)
- خان يونس (2)
- خط الثلث (1)
- سرقة الآثار (10)
- سرقة الكتب (1)
- سوريا (1)
- صور (1)
- صيانة الآثار (1)
- طباعة المحف (1)
- طشقند (1)
- عكار (2)
- عمارة (2)
- عملات (1)
- غزة (5)
- فرنسا (1)
- فلسطين (13)
- فهرسة المخطوطات (1)
- قفل الكعبة ومفتاحه (1)
- قلعة (1)
- كتب (1)
- كتب في الآثار (1)
- لبنان (10)
- مالي (1)
- متاحف (11)
- متاحف القرآن الكريم (1)
- متاحف خاصة (2)
- مجوهرات (1)
- مخطوطات (10)
- مخطوطات البحر الميت (1)
- مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية إرسيكا (1)
- مسجد (1)
- مصاحف أثرية (1)
- مصاحف مخطوطة (8)
- مصحف جديد (1)
- مصر (16)
- معارض (9)
- مقامات أهل البيت (2)
- مكتبات (7)
- مكتبة الأزهر (1)
- ملتقى (2)
- مواقع التراث العالمي (1)
- هدم المقامات (2)
- وثائق خاصة (1)
- وقف (1)