الخميس، 17 مارس 2011

azzaman روائع المعمار الغربي لم تخل من لمسات إسلامية

azzaman

كيف يؤثر الفن الاسلامي علي النتاج الابداعي الاوربي؟
روائع المعمار الغربي لم تخل من لمسات إسلامية

عبدالرضا صالح
علي الرغم من ولادة الرسالة الإسلامية بين جوانح الجزيرة العربية إلتي كانت تتصف بالبداوة والتناحر بين قبائلها التي لا تعرف غير السيف فخرا والشعر ـ ظهيره ـ مجدا، لأنه لسانها الذي يصف بطولاتهم ويذيع حوادثهم ويسجل وقائعهم التي يفخرون بها ولهذا لم يكن للفن نصيب في حياتهم، كما أن بيئتهم الصحراوية لا تحتوي علي صخور الرخام ولا الفلسفة التي كان الإغريق يمتلكونها فراحوا ينحتون التماثيل لآلهتهم ويمجدون قصصها.
ولكن بعد انتشار الإسلام وامتداد أذرعه الطويلة إلي البلاد العربية كالعراق وبلاد الشام ومصر والتي تمتلك إرثا حضاريا عظيما وموروثا ثقافيا ضخما في جميع صنوف العلوم ومنها الفن انبثقت من جديد حركة الفن بصيغة جديدة فاجأت بها الشعوب الأخري بقدراتها الفعالة وبفكرها الإبداعي علي كافة الأصعدة وكانت للتجارة والفتوحات الأثر الكبير في انتشار هذه الفنون بين شعوب العالم.
إن احتكاك المسامين واختلاطهم بغيرهم من الأمم مهد لهم التعرف علي فنونها فأخذوا منها ما لا يتعارض مع شريعتهم وقاموا بتطويره وأضافوا إليه وأبدعوا في تكوينه واستحدثوا فنونا جديدة لم تشهدها تلك الحضارات حتي أصبحت فيما بعد محط إعجاب وتقدير تلك الشعوب، ومن هنا بدأ التأثير الفني العربي الإسلامي ينمو وينتشر بين فنون تلك الأمم.
ففي فن العمارة أثبتت الحفريات عن روائع القصور التي شيدها المسلمون، ونشير هنا إلي تأثير القرآن الكريم في ازدهار هذا الفن وتقدمه بما وصفته بعض الآيات الشريفة من النعيم والترف في الآخرة وعلي سبيل المثال لا الحصر (لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار..)(1) ومن ذلك شيدت المساجد والقصور والخانات والحمامات بطرز هندسية رائعة، ولقد ابتدعوا عناصر كثيرة في البناء وطوروا عناصر أخري أثرت في المباني الأوربية ولا تزال الكثير من العقود والشرفات والمآذن في فرنسا وصقلية تشهد بهذا التأثير وتنطق به ومن أمثلة ذلك قصر الحمراء في غرناطة في الأندلس الذي شيده المسلمون ومسجد بيت المقدس وقصر المشتي الذي بناه الوليد الثاني 125 ه / 643 م في صحراء البلقاء وتم الكشف عنه سنة 1872 م ووجه أحد علماء الآثار (غليوم الثاني) إمبراطور ألمانيا إلي قيمة هذا القصر فأهتم به القيصر شخصيا وأستطاع بلباقته أن يغري سلطان تركيــــــا السلطان عبد الحميدأن يهديه واجهة هذا القصر فنقلت عام 19.3 م حجرا حجرا إلي برلين حيث أعيد بنائها في متحف الدولة هناك.
وقد استخدم المعماريون المسلمون الفسيفساء في تغليف واجهات قصور الأمراء المسلمين كما هو الحال في القصر الأموي الذي تتصدره لوحة كبيرة الحجم من الفسيفساء
أما في فن الكتابة والخط العربي فأن أعجاب الفناني الغرب فيه وانبهارهم في تشكيلاته وأنواعه راحوا يكتبون حروفهم اللاتينية بنفس الطريقة التي يكتب بها الفنانون المسلمون لذا يظنها المشاهد لأول وهلة أنها كتابات عربية، وأكبر شاهد علي ذلك ما نقله الدكتور محمود عبد الرزاق عن كتاب تراث الإسلام للكاتب كرستي في تأثير الفنون الإسلامية في الفنون الأوربية عن الدينار الذهبي الموجود في المتحف البريطاني والذي يحمل علي أحد أوجهه كتابة كوفية نصها() (لا ألاه إلا الله وحده لا شريك له وعلي الوجه الآخر كتابة لاتينية نصها offa rex) ) أي الملك أوفا وتجري علي حافة هذا الوجه كتابة كوفية نقرأ فيها (محمد رسول الله أرسله بدين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون)(2) وهي من النصوص التي كانت مكتوبة علي الدينار الإسلامي في عصر الدولة الأموية وأكيد إن الذي كتب علي هذا الدينار والذي أمر بكتابته لا يعرفان معني هذه الكتابة ولو كانا كذلك لما رضيا بها لأنها تتعارض مع معتقداتهم الدينية.
أما في فن الزخرفة الذي ابتدعه العرب المسلمون فقد نال إعجاب الشعوب الأوربية في الرقش (التو ريق) والحفر والكتابة والتشكيلات الهندسية التي كانت محط إعجاب لديهم فعمدوا إلي استخدام الزخرفة في تزيين أوابدهم المعمارية وفي الخزف والنسيج وفي جميع مجالات الفنون الأخري، ولقد تأثر فنانوهم بالزخرفة العربية الإسلامية تأثيرا كبيرا ويتضح ذلك في الكثير من أعمالهم، ولقد عثر في أحدي كراسات الفنان الكبير (ليوناردو دافنشي) علي تخاطيط هندسية أسلامية.
أما بالنسبة للنسيج فقد شاع صيته في ألأسواق الأوربية واقبل الناس علي شرائه وتفضيله علي منسوجاتهم مما حدا بالنساجين هناك إلي تقليده وإخراجه مشابها لها إلا أن الشعوب الأوربية كانوا يعرفونها من خلال جودت نسيجها ودقة حياكتها وجمال منظرها وروعة زخرفتها وحسن ألوانها. وكانت معروفة من أسمائها الواضحة من ألفاظها بأنها عربية إسلامية التي اشتهرت بها مثل Muslin المأخوذة من أسم المدينة العراقية الموصل أو الجراندين Grandine المأخوذة من أسم المدينة الأندلسية غرناطة، وكلمة Ricamo المشتقة من الكلمة العربية رقم ومن ألأمثلة الغريبة علي تأثرهم بهذا النوع من الفن هو ما نسجت به عباءة التتويج التي كان يتوارثها أباطرة الدولة الرومانية والتي كانت تزدان بحاشية مطرزة بالكتابة العربية بالخط الكوفي جاء فيها (مما عمل بالخزانة الملكية بالسعد والإجلال والكمال، والطول والأفضال، والقبول والمقبال والسماح والإجلال، والفخر والجمال، وبلوغ الأماني والآمال، وطيب الأيام والليالي بلا زوال ولا انتقال، بالعز والدعاية، والحفظ والحماية، السعد والسلامة والنصر والكفاية بمدينة صقلية سنة ثمان وعشرين وخمسمائة).
1 ـ سورة الزمر آية 20
2ـ هذا النص مأخوذ من عدة آيات وردت في القرآن الكريم

/3/2011 Issue 3845 - Date 14-

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels