الخميس، 17 مارس 2011

جريدة الجريدة :: ثقافات :: المتحف البريطاني يتألّق ببريق الذهب والعاج الأفغانيّين :: لندن - مارتن غايفورد :: 17/03/2011

جريدة الجريدة :: ثقافات :: المتحف البريطاني يتألّق ببريق الذهب والعاج الأفغانيّين :: لندن - مارتن غايفورد :: 17/03/2011
المتحف البريطاني يتألّق ببريق الذهب والعاج الأفغانيّين
لندن - مارتن غايفورد
حضرت شخصيات كبيرة مرموقة حفلة افتتاح معرض جديد في المتحف البريطاني بعنوان «أفغانستان: مفترق طرق العالم القديم». فألقى الخطابات وزير الخارجية البريطاني وليام هايغ والرئيس الأفغاني حامد كرزاي، الذي ارتدى الملابس التقليدية الأفغانية. وشمل الحضور أيضاً سياسيين بارزين آخرين.

أكّد هذا الحدث (هذا إن كنا بحاجة إلى تأكيد) أن أفغانستان تمثّل قضية سياسية بالغة الأهمية. يبرهن المعرض أن هذه المنطقة تتمتّع بأهمية كبرى وغنى وافر منذ آلاف السنين. ولا شك في أن بعض المعروضات مذهل حقاً ويُعتبر روعة في الجمال: كميات كبيرة من المجوهرات الذهبية تعود إلى القرن الأول بعد الميلاد، منحوتات عاجية خلابة من الهند، وأوانٍ زجاجية صُنعت في مصر القديمة.

يمتاز تاريخ هذه المعروضات الحديث بكثرة اضطراباته. فهي كنوز من المتحف الوطني في كابول نجحت في التفلّت من عقدين من النهب والقصف، فضلاً عن عمليات التخريب المتعمّدة التي مارسها أعضاء طالبان.

اختفى نحو 70% من مجموعة هذا المتحف خلال عشرين سنة من الحرب وحكم طالبان. لكن مجموعة من أفضل القطع فيه نجت بأعجوبة. فكان بعضها (بما فيها مجموعة التحف القيّمة والمذهلة التي عُثر عليها في منطقة تيليا تيبي) مخبأ في خزنة تحت القصر الرئاسي ولم يُعاود الظهور إلا عام 2004، في حين استُعيد عدد من القطع التي نُهبت من السوق السوداء.

إذا تأمّلنا في تاريخ هذه القطع السحيق، نُلاحظ أنها تروي قصة حضارة من الاندماج والاحتكاك. صحيح أن العولمة ليست ظاهرة حديثة، إلا أننا قلما نرى أدلّة واضحة إلى هذا الحد تؤكد قدمها وتُضاهي بأهميتها ما يُدعى كنز باغرام.

كانت باغرام، التي تحوّلت راهناً إلى قاعدة أميركية ضخمة، مدينة في الماضي القديم. في ثلاثينيات القرن العشرين، عثر علماء الأثار الفرنسيون على كنز رائع في هذه المنطقة. وقد رجحوا أن تكون غنيمتهم هذه كنزاً ملكياً خُبّئ في وقت عصيب أو مخزن تاجر كان يبيع القطع الفنية في القرون الأولى بعد الميلاد. وبين هذه التحف عثروا على لعبة رومانية لها شكل حوض أسماك تسبح فيه أسماك معدنية تهز زعانفها عندما يُملأ بالماء.

ضمّ هذا الكنز أيضاً أواني زجاجية تحمل شخوصاً تشبه ما يظهر في جداريات بومبي. ولعل الأبرز بين هذه التحف والأجمل بالتأكيد مجموعة من المنحوتات العاجية التي تُشبه ما اعتمد في جنوب الهند. ولا شك في أن تماثيل النساء العاريات الصدر اللواتي يهززن خصورهن كانت ستؤول إلى الهلاك لو أن أعضاء طالبان علموا بأمرها.

تبرهن كنوز باغرام أن أفغانستان كانت نقطة تبادل حضاري امتزجت فيها تيارات من الهند، أوروبا، الصين، إيران، آسيا الوسطى، والشرق الأوسط. والمذهل حقاً من الناحية التاريخية كنز آي خانوم، مستعمرة يونانية أسسها قرابة 300 بعد الميلاد أحد القادة الذين خلفوا الإسكندر الكبير. فبعد فتوحات هذا القائد، شملت الإمبراطورية اليونانية طوال أكثر من قرن معظم مناطق أفغانستان اليوم. لذلك، يضم هذا المعرض قطعاً هندسية ومنحوتات كلاسيكية تتوقّع مشاهدتها في اليونان أو إيطاليا.

أخيراً، يحتوي هذا المعرض أيضاً على قطع عثر عليها في تيليا تيبي علماء أثار روس وأفغانيون عام 1978 قبيل الغزو السوفياتي. تشمل هذه عدداً من حلي البدو من سهول آسيا دُفن في شمال أفغانستان قبل ألفي عام. تتسم هذه التحف بجودتها العالية، ولعل أبرزها تاج ذهبي متقن الصنع وأساور ومشابك وقلادات تظهر عليها رموز وشخصيات خرافية من اليونان وإيران.

يعكس كل ما يحتويه هذا المعرض التبادل الحضاري وأحياناً الصراع بين الحضارات. فحيثما التقت الحضارات، تصادمت. وهذا يلخّص تاريخ أفغانستان.

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels