الأربعاء، 6 مارس 2013

روائع الفن الإسلامي في «متحف بوشكين» في موسكو- جريدة الشرق الأوسط

روائع الفن الإسلامي في «متحف بوشكين» في موسكو,
روائع الفن الإسلامي في «متحف بوشكين» في موسكو
«99» رقم ساحر يزين جنبات أكبر متاحف العاصمة الروسية
موسكو: د. سامي عمارة
«الجمال ينقذ العالم» مقولة فيدور دوستويفسكي الخالدة، بكل ما تحمله من مضامين وإيحاءات، لم أجد أفضل منها عنوانا للمعرض الذي تزدان به إحدى أهم قاعات معرض بوشكين للفنون الجميلة على مقربة من الكرملين على ضفاف نهر موسكو. وإذا كان القائمون على معرض روائع الفن الإسلامي الذي تتواصل مشاهده في هذا المتحف الكبير تحت عنوان «أسماء الله الحسنى» عزوا اختيار هذا العنوان إلى وجود السجادة الفارسية الصناعة التي يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر بما تحمله من أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين بين معروضاته، فإن هناك من يعترف صراحة بغير ذلك، مؤكدا أن الصدفة وحدها هي التي أفضت بهم إلى مثل هذا الاختيار.
وكان رستم سليمانوف مدير «مؤسسة مرجاني للعلوم والثقافة الإسلامية» صادقا حين قال إن الصدفة وحدها هي التي قادته إلى فكرة التوقف عند هذه التسمية، مشيرا في معرض تصريحاته التي أدلى بها عند افتتاح المعرض إلى أنه «كان من المفروض أن يضم المعرض مائة قطعة من أفضل ما تملكه المؤسسة من مقتنيات فنية من مناطق حوض الفولغا الروسية وشمال أفريقيا ومناطق الشام والعراق وإيران والصين وآسيا الوسطى يعود تاريخها إلى ما بين القرنين التاسع والتاسع عشر. لكننا ولأسباب فنية قررنا الاستغناء عن إحدى القطع الفنية المعدة للعرض، وهو ما وجدنا أنفسنا معه أمام الرقم الساحر (99) الذي يعيد إلى الأذهان أسماء الله الحسنى، التي وجدناها مرصعة بخيوط ذهبية في السجادة الإيرانية ضمن قائمة المعروضات».
ومن اللافت أن رستم الذي بدا مختالا فخورا بتاريخ وقيمة معروضاته الفنية حرص على تأكيد أن الإسلام ليس ظاهرة وافدة على روسيا، بل هو جزء أساسي من تاريخها وتراثها الحضاري الذي وإن كان البعض ينساه أو يتناساه فإن ذلك لا يغير من واقع كونه ركنا مؤسسا تقوم عليه الحضارة الروسية. ولعل ما قالته إيرينا أنطونوفا، مديرة متحف بوشكين للفنون الجميلة، والتي تعد مرجعا نادرا من أهم مراجع الفنون الروسية بما تحمله من تجارب ومعلومات فريدة تراكمت عبر سنوات عمرها المديد الذي تجاوز التسعين عاما، يشير إلى حقيقة قيمة وقدر المعروضات الإسلامية التي يزدان بها المتحف التاريخي على مبعدة خطوات من الكرملين في موسكو. قالت أنطونوفا «إن المشاهد يمكن أن يجد في كل عمل فني مما تتضمنه قائمة المعروضات شتى المعاني بما تحتمله من مختلف التأويلات والمفاهيم الجديدة التي تدفع المرء إلى اكتشاف قدراته الذاتية على الفهم والإدراك».
ومن الجميل في معرض روائع المقتنيات الإسلامية أن منظمي هذا الحدث الفريد من نوعه في موسكو حرصوا على تسجيل تاريخ ومعاني كل من معروضاته، بما يتيح للزائر التفكير في قيمتها وقدرات مبدعيها. وتضم قائمة المعروضات إحدى عشرة صفحة من صفحات القرآن الكريم يعود تاريخ نسخها في إيران إلى منتصف القرن الخامس عشر، والكثير من البسط والمنسوجات الإيرانية في معظمها التي يعود تاريخها إلى سنوات الحكم الصفوي، إلى جانب نماذج نادرة من مصنوعات الخزف والسيراميك التي أقر المتخصصون صحة نسبها إلى القرون الوسطى من الصين والشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومناطق حوض الفولغا في روسيا. ويلفت الأنظار أيضا القسم الخاص بالمنمنمات الإسلامية ونماذج الخط العربي التي تشغل مساحة متميزة في هذا المعرض.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تعرض فيها مقتنيات من مجموعة «مرجاني» للجماهير. وتنقسم المعروضات إلى ثلاث مجموعات، الأولى منذ ظهور الإسلام حتى الغزو المغولي، بينما تغطي المجموعة الثانية عصر جنكيز خان، ثم مرحلة ما بعد المغول.
وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة «مرجاني» لدعم الأبحاث والبرامج الثقافي التي أطلق عليها هذا الاسم تكريما للعالم التتاري والفقيه المسلم شهاب الدين مرجاني (1818 - 1889) قد تأسست في عام 2006 نتيجة عشر سنوات من النشاطات الإبداعية لفريق من العلماء والمؤرخين. والمؤسسة غير حكومية، ولا تسعى للربح، وهدفها هو دعم الأبحاث الأصلية في جميع مجالات العلوم الإنسانية والفنون والعلوم الاجتماعية المتعلقة بالتراث التاريخي للإسلام في روسيا ويورو - آسيا. ويتركز نشاط المؤسسة على إقامة معارض ونشر وإعداد البرامج الثقافية والتعليمية في مجال الدراسات الإسلامية والثقافة الإسلامية في روسيا ويضم برنامج المنشورات نشر الأعمال الكلاسيكية للأدب الإسلامي والتراث الديني والدراسات المعاصرة للروس المتخصصين في الثقافة الشرقية في مجال اللغة واللغويات وعلم الاجتماع والفن وغيرها من المجالات. ويضم برنامج الأبحاث ترجمة الأعمال الأساسية للمفكرين الإسلاميين والسياسيين في الماضي والحاضر من العربية والفارسية وغيرهما من اللغات القوقازية والتركية. وتتواصل فترة عرض هذه المشاهد المميزة لتاريخ الفنون الإسلامية طول الفترة من 20 فبراير (شباط) الحالي وحتى 26 مايو (أيار) المقبل.

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels