التقى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في عمان أمس للبحث في دفع عملية السلام، وحمّله رسالة عاجلة الى رئيس حكومته بنيامين نتانياهو تدعوه الى عدم المس بالوضع في القدس المحتلة.
ووصف مصدر في الديوان الملكي اللقاء بالإيجابي، في وقت أفاد بيان للديوان الملكي بأن اللقاء تناول «سبل تجاوز العقبات التي تعترض إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين، وفي إطار قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المتفق عليها، خصوصاً مبادرة السلام العربية، وبما يعيد الحقوق المشروعة الى الشعب الفلسطيني».
وطالب العاهل الاردني بوقف فوري للإجراءات الاسرائيلية الأحادية، خصوصاً وقف الاستيطان الذي يشكل عقبة حقيقية أمام مساعي تحقيق السلام، وعدم اتخاذ أي إجراءات لتغيير معالم القدس أو المس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، خصوصاً جسر باب المغاربة.
وأكد مسؤول اردني لـ «الحياة» ان الملك عبدالله الثاني طلب من بيريز نقل رسالة عاجلة الى نتانياهو تعبّر عن عدم رضى الاردن عن الاجراءات الاسرائيلية في القدس، خصوصاً في جسر باب المغاربة، وطالبه بوقف تلك الاجراءات فوراً، مؤكداً ان اي تغيير لا بد من ان يكون بعلم الاردن بحكم ولايته على المقدسات الاسلامية في القدس، وكذلك «منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة» (يونيسكو).
نتانياهو يرجئ الهدم
وكانت صحف إسرائيلية ذكرت امس ان نتانياهو أصدر تعليماته إلى بلدية القدس بإرجاء هدم جسر باب المغاربة نظراً الى حساسية الوضع، وذلك في أعقاب ضغوط مصرية وأردنية. وقال موقع صحيفة «هآرتس» الإلكتروني إن نتانياهو «أصدر تعليمات الجمعة الماضي إلى بلدية القدس ووزارة الأمن الداخلي بإرجاء هدم جسر باب المغاربة لمدة أسبوع». وأضاف الموقع: «كان من المقرر البدء بهدم الجسر مساء السبت، لكن بسبب حساسية الموضوع ونقل رسائل تحذيرية من مصر إلى إسرائيل بأن هدم الجسر سيؤدي إلى تركيز الاحتجاجات في ميدان التحرير في القاهرة على الموضوع الإسرائيلي، طلب مكتب نتانياهو من بلدية القدس إرجاء الهدم».
ويؤدي جسر باب المغاربة الى المسجد الاقصى في البلدة القديمة. وأُقيم هذا الجسر الخشبي عام 2004 كإجراء موقت بعد انهيار الجسر الرئيس الذي يستخدمه غير المسلمين للوصول الى المسجد، كما تستخدمه قوى الامن الاسرائيلية للدخول اليه.
وكانت اسرائيل بدأت عام 2007 حفريات قرب باحة الاقصى قالت انها ترمي الى تنفيذ عملية ترميم، في حين اعتبرت السلطات الاسلامية الفلسطينية ان هذه الأشغال تهدد أساسات المسجد الاقصى. وإزاء تصاعد ردود الفعل في العالم الاسلامي وبين الفلسطينيين، تم تجميد أعمال دعم ممر باب المغاربة في حين تتواصل الحفريات الاثرية.
وكان الرئيس الاسرائيلي وصل الى مكاتب الديوان الملكي في دابوق بطائرة هليكوبتر اسرائيلية، ولم تجر له مراسم استقبال رسمي. وأكد الملك في اللقاء الذي استمر ساعة أن حل كل قضايا الوضع النهائي، وفي مقدمها اللاجئون والحدود والقدس وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس خطوط عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، هو الأساس لإنهاء عقود طويلة من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي». ودعا الملك ضيفه الى التدخل من اجل اعادة الاموال الفلسطينية المجمدة «لأن وقفها يعني حصار السلطة ويؤدي الى انهيارها وتهديد الامن والاستقرار في المنطقة».
واستعرض الرئيس الإسرائيلي خلال اللقاء الجهود التي يمكن أن تقوم بها إسرائيل في المرحلة المقبلة لبناء أجواء الثقة مع السلطة الفلسطينية. وتأتي زيارة بيريز متابعة لزيارة العاهل الاردني لرام الله الأسبوع الماضي، وفي إطار الجهد الذي يقوده لمساندة الشعب الفلسطيني والتخفيف من المعاناة التي يواجهها، ومنها زيارته اليوم لألمانيا التي تهدف الى الاستعانة بجهود ألمانية للضغط على اسرائيل، وزيارته لواشنطن بعد اسبوعين.
أموال السلطة
من جهة اخرى (ا ف ب)، اعلن نتانياهو امس ان اسرائيل ستنظر في امكان تحويل اموال السلطة المجمدة منذ مطلع الشهر بعد قبول عضوية دولة فلسطين في «يونيسكو» على رغم الاعتراضات الاسرائيلية والاميركية. واجتمع المجلس الامني المصغر أكثر من مرة لإعادة النظر في القرار، إلا انه قرر مواصلة تجميد الاموال بسبب عضوية فلسطين في «يونيسكو» وطلب عضويتها في الامم المتحدة والمصالحة بين حركتي «فتح» و «حماس».
وصرح الناطق باسم نتانياهو بأن رئيس الوزراء أبلغ لجنة العلاقات الخارجية والدفاع في الكنيست امس ان من الممكن رفع التجميد وتحويل الاموال. وصرح نتانياهو بأن «اسرائيل ستنظر في تحويل أموال الضرائب في المستقبل القريب، وسيكون هذا مبنياً على قرار حكومي، وسنفحص الوضع شهرياً». وأضاف: «لاحظنا توقفاً من الجانب الفلسطيني عن الخطوات الأحادية. لا نعرف كم سيستمر هذا الوضع، لكن يبدو أن الامور هدأت». وقلّل نتانياهو أيضاً من أهمية المحادثات التي تجرى بين «فتح» و «حماس»، وقال: «نرى ان محادثات الوحدة مع حماس خطوة أكثر منها رمزية وتكتيكية وليست لها نتائج ملموسة».
الاستيطان مجدداً
الى ذلك، اعلنت حركة «سلام الآن» الاسرائيلية المناهضة للاستيطان ان وزارة الدفاع وافقت على بناء اكثر من مئة وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة «شيلو» شمال الضفة. وقالت المسؤولة في الحركة حاغيت اوفران لوكالة «فرانس برس»: «رداً على طعن قدم للمحكمة العليا الاسرائيلية ضد هذه المباني غير القانونية، أبلغتنا وزارة الدفاع انها وافقت الشهر الماضي على خطة لبناء 119 وحدة استيطانية، من بينها 50 في مرحلة البناء حالياً». وأضافت ان عملية البناء التي بدأت قبل نحو عام، لم تحصل على التراخيص الحكومية اللازمة، وتم الحصول عليها قبل شهر من وزارة الدفاع.