الأربعاء، 12 مايو 2010

متاحف مدينة القدس الشريف شهادة من زمن ماض ٍ..على زمن حاضر




متاحف مدينة القدس الشريف شهادة من زمن ماض ٍ..على زمن حاضر

القدس العربي - عبير علي
حين يكون الحديث عن القدس، فهو حديث عن الهوية، حديث عن الحضارة، عن التراث وعن التاريخ. هذا التاريخ الذي ترك وراءه حصنا عظيما يحمي في داخله كنوزا من الآثار والمباني التاريخية والدينية المسيحية والإسلامية. وهو ثمرة تفاعل الإنسان في فلسطين مع بعد الزمان وبعد المكان. فالمدينة المقدسة هي كنز تاريخي عظيم تعج بالمعالم التاريخية التي ارتبط وجودها بالأحداث الجسام في تاريخ الإسلام، وهي تتمثل في المسجد الأقصى، قبة الصخرة المشرفة ، المساجد، المدارس، الخانات، الأضرحة، الأسبلة، التكايا، الزوايا، القباب، الأبواب التاريخية..الأسواق العتيقة...الحارات الضيقة العابقة بروائح المحبة والسلام... وبيوت صنعت ببطء وحس من الحجر...وضاحية الطبيعة، تحتفظ بأشجار الزيتون كما تحتفظ بدفء الشمس بعد الغروب. هذه المدينة التي حظيت باهتمام السلاطين والملوك على الدوام نظرا لأهميتها الدينية، فأقاموا فيها المدارس والخانات والحمامات والآبار والأسبلة....تقربا الى الله وابتغاء مرضاته، حتى أن كثيرا من أولئك أوصوا بأن يدفنوا بعد موتهم في القدس الشريف للغرض نفسه. فلنحاول التحليق معا في سماء المدينة المقدسة ونبدأ الرحلة ونتعرف على ذاكرة المكان والزمان والمتمثلة في المتحف الفلسطيني والمتحف الإسلامي. فماذا نعرف عنهم؟ وما هي محتوياتهم من تراث وآثار، وما خلفته قرائح الأقدمين وصفوة الأسلاف من فكر وعلم وفن ونمط عيش وفنون حضارة؟
ياتي في طليعة المتاحف الآثرية بالقدس المتحف الأثري الفلسطيني وهو من أغنى المتاحف، ويقع عند الزاوية الشمالية الشرقية من سور مدينة القدس بالقرب من باب الساهرة والحي المعروف بوادي الجوز. وقد تم احتلاله بالكامل من قبل دائرة الآثار الصهيونية....وهذا المتحف له بناء يميزه عن باقي الأبنية في المنطقة كلها، حيث يتربع وسط البناء برج ثماني الأضلاع ارتفاعه يقرب من 30 متراً وقطره عشرة أمتار. وقد أنشئ هذا المتحف بتبرع من رجل الأعمال الأمريكي روكفيلر ' 'J.Rockefeller، حيث تبرع عام 1927م بمليونين من الدولارات صرف منها نصف مليون للبناء ونصف مليون للأثاث والكتب. أما المليون المتبقي فقد أودع ليصرف على إدارة المتحف من ريعها. وقد وضع حجر الأساس للمتحف في 19 حزيران ( يونيو) 1930م وسنة 1935م انتهت عملية البناء، وقد فتح المتحف أبوابه للجمهور عام 1938م، ويوجد خلف بناء المتحف بناء أقدم منه أقامه محمد الخليلي عام 1711م الذي أحضر بذور الصنوبر من بلده ' مدينة الخليل' وزرعها بالقرب من بيته الجديد، ومع الزمن نمت تلك الأشجار لتصبح أشجارا ضخمة وظهرت على المنزل وكأنها جزء من المتحف. وقد تم تكليف المهندس ' أوستين سانت بارب هاريسون' بتصميم المتحف، وقد أظهراهتماما خاصا به في تصميمه، حيث سافر عدة مرات للتجول في متاحف أوروبا للاطلاع، ثم عاد لفلسطين، ليدرس مباني القدس القديمة، وكان هدفه المزج بين عناصر معمارية من الشرق والغرب. واقتبس هاريسون المخطط العام الذي كان متبعا في المباني العامة في أوروبا والمركبة من وحدات بناء مختلفة، أما الاختلافات في الارتفاعات بينها فاقتبست من تنظيم المباني في البلدة القديمة في القدس. وصمم صالات كقاعات الكنائس ذات الشبابيك العالية التي تسمح للضوء بالمرور عبرها، أما سقوف الصالات فصممت بروح عصر النهضة الأوروبية، واستوحى قاعة المكتبة من بنايات ترجع إلى العصور الوسطى. ومن الحضارة الشرقية والمحلية استمد هاريسون تقاليد تستيت الحجارة، والزخارف الهندسية التي تزين برج المتحف، وأشكال المداخل والشبابيك، والقبب والأقواس، والبلاط الأرمني وصناعة الأخشاب. وبعد ذلك تولى الفنان البريطاني ' إريك غيل'، نحت الرسومات على جدران المتحف، وأبرزها الرسومات العشرة التي نحتها في الساحة الداخلية، وتصف الحضارات التي تعاقبت على فلسطين مثل البيزنطية والكنعانية والإسلامية. أما النحت الأبرز فوق المدخل الرئيسي، فهو يصف اللقاء المفترض بين قارتي آسيا وأفريقيا.
ويقتني المتحف آثارا يعود تاريخها الى معظم الفترات التاريخية في فلسطين منذ عهود ما قبل التاريخ حتى العصر العثماني المتأخر، وآثار التنقيبات الأثرية الرئيسية التي جرت في فلسطين في الفترة ما بين 1920 و 1948. هذا وتضم قاعات المتحف ومستودعاته ومكتبته الكثير من الرسوم والصور التي تدور حول المكتشفات الأثرية لفلسطين. وقد عرض المتحف أهم القطع الأثرية التي يقتنيها في عدة قاعات وغرف أعدها للعرض. منها ما عرض داخل خزائن حملت أرقاما أو حروفا وجعل لها دليل يصف تلك المعروضات وفق الخزائن والقاعات، ومنها ما عرض على قواعد ثابتة خارج الخزائن وقد سجل في دليل الآثار الفلسطينية من العصور الحجرية والعصور اللاحقة. ومن تلك المعروضات الهامة والتي تعود للعصر الحجري الحديث، عرض رأس تمثال من الطين المجفف بالشمس وتماثيل لحيوانات من الطين ومن الفخار الملوّن وبعض الآثار من تنقيبات ' جون جار ستانج' 1936. ومن تلك التي تعود الى العصر الحجري النحاسي آثارمن ' تليلات الغول' الواقعة في شرق الأردن التي اكتشفها ' الأب مالون' من أهمها أقراص مثقوبة وفؤوس حجرية وكؤوس... وآثار من الخضيرة الواقعة بين ' يافا وحيفا' كما كان من نتائج التنقيبات الأثرية ' تنقيبات مجدو' - تل المتسلم - التي تعود الى العصر البرونزي القديم. كما عرضت أوان ٍ حجرية عليها تأثيرات مصرية، وأوان ٍ فخارية وقالب لسكب الحليّ المعدنية، وصحون ذات لون رمادي، وهناك آثار عثر عليها في ' تل النصبة' ومن آثار العصر البرونزي الحديث، هناك حلي ذهبية وفضية من ' تل العجول' بالقرب من مدينة غزة ومبخرة من ' بيسان'. كما عرض في القاعة المثمنة الجنوبية نصب من البازلت الى الفرعون المصري ستي الأول يعود الى عام 1313 ق.م وهي السنة الأولى من حكمه، وعليه كتابة هيروغليفية وقد وجد هذا النصب في بيسان. كما عرض تمثال رمسيس الثالث ( 1167 ـ 1198 ق.م) ، كذلك عرضت في الجناح الجنوبي نماذج من المواد الأنثروبولوجية منها جمجمة من الجليل وتعتبر هذه الجمجمة من أقدم النماذج المعروفة لجنس جيل الكرمل فربما يعود الى ما قبل حوالي 200000 عام قبل الميلاد. كما عرضت بقايا إنسان الكرمل الذي يعود الى ما قبل 100000 عام قبل الميلاد، وكذلك عرضت في الغرفة الجنوبية خشبيات إسلامية محفورة من القرن الثامن من الجامع الأقصى. وفي الغرفة الغربية عرضت نماذج من منحوتات عثر عليها من التنقيبات التي جرت في قصر هشام بن عبد الملك في خربة المفجر، وعرضت حليّ ٌ عثر عليها في غزة ومنطقتها وحلي من عهد الهكسوس في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وحلي من الفترة الرومانية وأخيرا حلي من الفترتين البيزنطية والعربية. أما في الغرفة الشمالية والجناح الشمالي فقد عرضت بعض الزخارف التي نقلت من كنيسة القبر المقدس، ' اعداد العشاء ودخول القدس'. وبعض الآثار التي تعود الى العصر البرونزي وهي فخار خشن رديء الصنعة، عاجيات من تنقيبات مجدو، صندوق عاجي مزين بأسود وأبي الهول، وعناصر تزيينية على شكل شجرة النخيل، وقطعة عاجية عليها مشهد يستعرض فيه المصريون أسراهم من الآسيويين، تعود هذه العاجيات الى عهد رمسيس الثالث ( القرن الثاني عشر ق.م)، وجزء من تمثال برونزي يعود الى رمسيس الرابع عليه كتابات هيروغليفية.
كما توجد في المتحف مكتبة غنية بالكتب والمراجع والشروح والصور التي تفيد الباحث والعلماء في تاريخ فلسطين، وتساعد زوار المتحف من جمهور الناس على فهم المعروضات، كما أن هناك مكتبة علمية عامرة تقع في الزاوية الشمالية من الطابق الأسفل تضم عددا من الكتب والمخطوطات تتحدث عن تاريخ فلسطين وآثارها وآثار البلدان العربية المجاورة. وقد تأسست هذه المكتبة عام 1928 وضمت حتى عام 1948 أكثر من ثلاثين ألف مجلد من مختلف اللغات ( العربية والانكليزية والفرنسية والالمانية). وفي الطابق العلوي صالة للمطالعة تحوي الكتب المرجعية والموسوعات، هذا الى جانب مخازن تضم الكتب المكررة.
وقد ظل المتحف تابعا لإدارة الآثار الفلسطينية ابان الانتداب البريطاني، ولكن في عام 1947 قام البريطانيون بفصل المتحف عن دائرة الآثار وجعلوه تحت اشراف هيئة دولية من ممثلين عن بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وهي الدول التي كانت لها مدارس ومراكز بحث أثرية في فلسطين وممثلين عربيين وواحد يمثل الجامعة العبرية وبقيت الحال هذه حتى ضم الى دائرة الآثار الأردنية عام 1966. وبعد اغتصاب العدو الصهيوني لمدينة القدس العربية عام1967 استولت اسرائيل على المتحف، وقامت بتغيير الاسم من المتحف الفلسطيني الى ' متحف روكفلر'. وبدأت عمليات نقل الآثاروالمحتويات النفيسة إلى متاحف إسرائيلية، وجعلته إدارة الآثار والمتاحف الإسرائيلية مقرا لها. ومن أهم المقتنيات الأثرية التي نهبها الإسرائيليون ' لفائف البحر الميت' ووثائق ' لاشيش'. ثم عمدوا الى إعادة عرض ما تبقى من آثار المتحف عرضا يخدم الأهداف الإسرائيلية وغيروا الشروح التاريخية الأولى لكثير من الآثار في محاولة للتقليل من أهمية تراث الشعب الفلسطيني وإبراز تراثهم المزعوم.!! هذا الى جانب إخفاء بعض الآثار الهامة من المتحف. والجدير بالذكر أن عمليات النهب والسلب لم تنته حتى الآن، وإن كانت تتم ببطء. وللأسف يشبه المتحف الآن، ثكنة عسكرية بسبب الحراسة المشددة ، ويمكن رؤية شبان من يهود الفلاشا قدموا من أثيوبيا، يحملون بنادقهم متحفزين لأي حركة تحدث، ويسمحون لأي سائح أو إسرائيلي، بالدخول إلى المتحف، بينما يُمنع دخول أي فلسطيني ويعامل كمشتبه فيه. وليس هذا فقط بل تتعامل إسرائيل بعد سيطرتها على المتحف التعامل الانتقائي مع المعروضات، ففي حين توجد عناية بقطع فسيفسائية عثر عليها في كنس يهودية تعود للفترة الإسلامية، تقدم بشروحات أيديولوجية اكثر منها أثرية، فإننا نجد آثارا لا تقدر بثمن، تعود للفترات الفرعونية، والرومانية والإسلامية، تركت في ساحة مفتوحة بين قاعات العرض، عرضة للأمطار وتقلبات الطقس، ومن بينها توابيت حجرية ضخمة عليها رسوم تمثل ملاحم أدبية، ونصب حربية تذكارية رومانية وفرعونية نادرة...!!
المتحف الهام الثاني من متاحف القدس الشريف هو المتحف الإسلامي والذي يقع عند الزاوية الفخرية وهي جنوب غرب المسجد الأقصى المبارك.. وهو بقايا صغيرة من مبنى الزاوية الفخرية الكبير الذي هدمته إسرائيل عند احتلالها للقدس عام 1967م حيث قامت بهدم حارة المغاربة وحي الموارنة وحي الحدارنة وحي الشرف ..وقد بقي المتحف الإسلامي .. والذي كان عبارة عن مصلى .. كجزء من الزاوية الفخرية المهدمة التي لم يبق منها الا مئذنتها والمتحف. وقد تأسس بأمر من المجلس الإسلامي الأعلى في فلسطين عام 1923م، وهو بذلك يعتبر أول متحف تأسس في فلسطين، واتخذ المتحف مقرا له عند تأسيسه الرباط المنصوري، الذي يعود تاريخ إنشائه الى الملك المنصور قلاوون (681 ـ 1282م)، وفي عام 1929م تم نقله الى داخل الحرم الشريف حيث شغل قاعتين تشكلان زاوية قائمة في الجهة الجنوبية الغربية لمنطقة الأقصى، ومن أهداف تأسيس ذلك المتحف إبراز التراث الإسلامي وصيانة وعرض مخلفات إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة وجعله مركزا علميا للمهتمين بالدراسات الإسلامية. ..وفي داخل هذا المتحف توجد آثار إسلامية من زمن الصحابة والعصور: الأموي والعباسي والمملوكي والعثماني والعصر الحديث. ويحتوي على نسخ للقرآن نادرة وفريدة في حجمها ..حيث توجد نسخ من القرآن الكريم يبلغ كبر صفحاته المترين ونصف المتر ôوهنالك أدوات الطهي للجيش الإسلامي والسيوف وأدوات الحرب..من رماح وأزياء عسكرية بما في ذلك الخوذ..وهنالك ايضا السيف العائد الى الصحابي المجاهد القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه. ومن العصر الحديث الجديد.. توجد ملابس الشهداء العرب الفلسطينيين الذين سقطوا على تراب الأقصى.
تمثل معروضات المتحف صورة مصغرة عن نتاج الحضارة الإسلامية عبر القرون الماضية كما تعكس ثلاثة أبعاد هي البعد الزمني لمعروضات المتحف التي تمثل فترة تزيد على العشرة قرون، ثم البعد الثاني وهو الجغرافي أو المكاني ويتجسد في عرض مجموعات تغطي أقاليم مختلفة من العالم الإسلامي، أما البعد الثالث ويشمل مجالات الفن الإسلامي كالخط والزخرفة والنقوش الحجرية والخشبية والنسيج وآلات الحرب والنقود.
ويحتوي المتحف على مجموعة مختلفة من عناصر الحضارة الإسلامية وهناك مصاحف مكتوبة بخط اليد تعود الى فترات مختلفة، وكانت موقوفة على المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة وبعض مساجد فلسطين، وقسم كبير منها مذهب ومزين برسومات جميلة. من بين تلك المصاحف ثلاثة مصاحف منها: مصحف نادر كتب بالخط الكوفي وهو ناقص. وهناك مصحف يعرف بالمصحف الكبير( 190 X 110سم) من أوقاف الملك الأشرف برسباي على المسجد الأقصى. أما المصحف الثالث وهو مصحف فريد كتب بالخط العربي ويضم ثلاثين جزءا، عليه زخارف هندسية ونباتية. كما يحتوي المتحف نسخة مغربية وحيدة من المصحف الشريف في العالم ونسخة أخرى تعد من أكبر المصاحف في العالم حجما. وفي المتحف مئات من الوثائق المملوكية، كما يحتوي على مجموعة من الأخشاب المحفورة بنقوش مختلفة ترجع الى الفترة الأموية، وبقايا منبر صلاح الدين الذي أحرق عام 1969م. أما القطع المعدنية الموجودة في المتحف فتعود الى فترات مختلفة، مثل شمعدانات ومباخر نحاسية وسيوف وخناجر وقدور وصوان ٍ وسلطانيات وأختام وأسلحة تعود معظمها الى الفترة المملوكية، والتي استخدمت في زخرفتها طريقة ' التكفيت' بسبب التحريم الإسلامي حيث لجأ الفنانون الى طريقة التكفيت أي زخرفة المعادن البسيطة كالبرونز والحديد والنحاس الأصفر بإلصاق خيوط من الفضة والنحاس الأحمر وحتى الذهب لكي تكتسب رونقا وبهاء. غير أن الفنانين لم يتقيدوا بحذافير التحريم، وتشهد على هذا مجموعة نادرة من الأدوات الفضية المزخرفة بمادة سوداء ( نييلو) ومحلاة بالكتابات المنمقة، صنعت هذه الأدوات على ما يبدو للأثرياء وذوي المراكز الهامة الذين سمحوا لأنفسهم بالتغاضي عن التقاليد الإسلامية بهذا الشأن. كما تعرض مجموعة من تيجان الأعمدة الحجرية التي كانت مستخدمة في المسجد الأقصى. كذلك يقتني المتحف مجموعة من القاشاني التي كانت يوما تغطي مثمن قبة الصخرة وفي عدة فترات تاريخية. ومن هنا يمكن القول أن المتحف يقتني مجموعة نفيسة من القاشاني تعود لمختلف العصور الإسلامية.
كما يقتني المتحف كذلك مجموعة هامة من الزجاج تتألف من قوارير وأباريق وقناديل وصحون ومكاحل.. من أهمها مشكاة مموهة بالمينا، نقلت من الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، تعود الى العهد المملوكي عليها زخارف نباتية وكتابات، وكتب عليها اسم السلطان المملوكي ' المعزّ الأشرف العالي المولوي ـ سيف الدين إينال اليوسفي'، كما تُعرض في القاعة مجموعة أدوات زجاجية من إيران خاصة من شيراز القرون 18- 19م. وهذه الأدوات ذات أشكال تجريدية مثيرة وألوان جريئة فيها يكمن سر جمالها. صنعت الأدوات الزجاجية بطريقة النفخ الحر أو النفخ في القالب، ثم زخرفت بطرق فنية مختلفة أثمرت عن إنتاج أوان ذات أشكال مميزة. وقد تم ترتيب المعروضات الزجاجية تبعا للطرق الفنية التي استخدمت في زخرفتها. وتم إعداد المتحف بطريقة تعليمية، بحيث يمكن تتبع تطور الفن الإسلامي منذ فجر الإسلام حتى نهاية القرن التاسع عشر. كما يتميز المتحف بوجود مكتبة أبحاث شاملة لمختلف الفنون والآثار الإسلامية، وتحتوي المكتبة على مؤلفات ودراسات في مواضيع أخرى متعلقة بالإسلام، كالدين، والأدب والجغرافية، وأبحاث حول الفنون الساسانية، البيزنطية والقبطية التي كان لها تأثير على الفن الإسلامي. هذا الى جانب أرشيف صور وشرائح. كما بإمكان الزائرين الاستفادة من مختبر التصوير في المتحف.
وقد خضع المتحف لأعمال ترميم ضمن الإعمار الهاشمي للمقدسات استمرت أربع سنوات، ومن المقرر أن يفتح أبوابه للزوار هذا العام ( 2010م) حيث علمنا أن المتحف مغلق منذ عام 2000 م بسبب اشكاليات بين مديرية أوقاف القدس والشرطة الإسرائيلية وقد تعرض لحملات اعتداء ومخططات للاستيلاء عليه.. كونه يشكل حاجزا بين المسلمين واليهود عند الجهة الغربية الجنوبية.. فهو يقع على خط التماس على طول جهة باب المغاربة، وهناك جهود تبذل من أجل إعادة فتحه لزوار المدينة المقدسة. والزائر في المتحف الإسلامي مدعو للمشاركة في رحلة مثيرة بين تسعة معارض مرتبة حسب الحقب التاريخية وتمثل نفائس وروائع الفنون الخاصة بالحضارة الإسلامية العظيمة، من الفترة القديمة وحتى نهاية القرن التاسع عشر من جنوب شرق أوروبا وحتى الهند، من بغداد وحتى سمرقند، وكل منطقة الشرق الأوسط.
ويتبقى ان نشير إلى أن الكيان الإسرائيلي كيان مصطنع على أرض فلسطين، ويحاول الصهاينة منذ أمد بعيد طمس الطابع الإسلامي لمدينة القدس وإضفاء الصبغة اليهودية عليها تمهيداً لبناء المعبد داخل مدينة داود المزعومة... وذلك بإحداث المتاحف الصهيونية التي تتحدث عن تاريخ مصطنع للشعب اليهودي داخل البلدة العتيقة. وأصبح هناك ولع وشغف شديد لدى الشباب الإسرائيلي بعلم الآثار..!! ومن أهداف هذا الكيان أن لا يرى تراثا يدل على أى أثر لشعب طرد من دياره ونهبت ودمرت مقوماته الثقافية ودنست مقدساته. فكانت كلما سمحت الظروف تنتهزها لتدمر ذلك التراث أو تنهبه بشكل مباشر، ومن طرائف التاريخ أن تلجأ إسرائيل الى تقديم أسماء 25 موقعا أثريا فلسطينيا الى اليونسكو لتسجيلها كمواقع أثرية إسرائيلية ضمن التراث الإنساني الواجب حمايته...!؟ إذن المطلوب جهد عربي إسلامي عالمي مشترك لإنقاذ هذا التراث وحمايته وحفظه لأصحابه الأصليين. والبدء فعلا ً بالعمل لحماية هذا التراث فقد اتبعت إسرائيل الأسلوب الممنهج القائم على التضليل والتزوير، هل سنتبع نفس الأسلوب الممنهج؟ أم نكتفي بأن تنتهي مؤتمراتنا العربية بالتوصيات؟
باحثة من مصر

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels