الاثنين، 13 يناير 2014

64 لوحة تزين معرض «محبة النبي في لغة فن الخط العربي»,جريدة الشرق الأوسط : الاثنيـن 20 محـرم 1434 هـ 3 ديسمبر 2012 العدد 12424

64 لوحة تزين معرض «محبة النبي في لغة فن الخط العربي»,

64 لوحة تزين معرض «محبة النبي في لغة فن الخط العربي»
في أول وجهة من إسطنبول إلى منطقة الخليج العربي
ولي عهد الشارقة في الافتتاح
احد الأعمال المعروضة
محمد جابي جامع اللوحات التركي
الشارقة (الإمارات): شاكر نوري
64 لوحة فنية كلاسيكية من الحلي، زينت جدران متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، وهي تشكل معرضا فريدا من نوعه تحت عنوان «محبة النبي في لغة فن الخط العربي»، حيث تنتمي لمجموعة مقتنيات محمد جابي الخاصة في إسطنبول، وهي معروضة إلى 10 يناير (كانون الثاني )2013. وقد خطت اللوحات المعروضة في المتحف بنمط مميز من الخطوط الذي يعرف بخط «الحلية الشريفة» نشأ في مدينة إسطنبول في القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي، وكان من الأنماط الشائعة للخط العربي ذي النمط العثماني الكلاسيكي. ويقال إن الخطاط البارع حافظ عثمان (1642-1698) هو أول من كتب «الحلية الشريفة». وتعرض «الحلية الشريفة» سجايا النبي - عليه الصلاة والسلام - وصفاته متخذة شكل تصميم هندسي مزخرف فريد ومذهب، تسابق الخطاطون المسلمون في إجادتها والحرص على كتابتها على مر القرون حبا منهم لرسول الله - عليه الصلاة والسلام - وتوقيرهم له. ومما تجدر الإشارة إليه أن خطوط «الحلية الشريفة» تراوح بين أنماط تعتبر تمجيدا مخلصا للخط العثماني التقليدي وأنماط جديدة مبتكرة تعتمد الأسلوب الحر، وهذا الفن يحترفه خطاطون تركيون وإيرانيون وعرب وتعتبر لوحاتهم تحفا فنية رائعة وفريدة من نوعها بجمالها وروحانيتها، حيث يستخدمون فيها تصاميم خطية محددة، وهو غالبا خط أنيق مزين مع الكثير من التذهيب.
وبهذه المناسبة، قالت منال عطايا، المدير العام لإدارة متاحف الشارقة، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن اليوم بغاية السعادة لاستضافة معرض (محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في لغة فن الخط العربي) كأول وجهة له في الخليج العربي والذي أقيم تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، وافتتحه الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد نائب حاكم الشارقة. هذا المعرض، والذي يحوي ترجمات كلاسيكية ومعاصرة لفن خط (الحلية الشريفة)، والمهدى لذكرى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، يعتبر مشروعا مشتركا بين المتحف وبين محمد جابي. وهو لا يعتبر جامعا مميزا وقديرا لهذا النمط الخطي فحسب، وإنما هو أيضا يقدم دعمه وتشجيعه لفناني الخط العربي الذين حولوا اهتمامهم لإعادة إحياء هذا الفن الرائع. نحن ممتنون جدا للسيد جابي الذي منّ علينا بدعمه الكريم لهذا المعرض وأبدى أتم الاستعداد لمشاركتنا بأبرز اللوحات الخطية من مجموعته الخاصة هنا بالشارقة. لهذا المعرض لمحة خاصة مميزة، فهو يجمع بين الإنجازات الفنية والجمالية الرائعة وبين الروحانية والإخلاص الناتج من عمق إيماننا بديننا ورسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم). وهو بذلك بمثابة تذكير لنا بضرورة وضع تركيزنا على إخلاصنا لهذا الدين بغض النظر عن التحديات التي نواجهها في حياتنا اليومية. إننا من خلال استضافتنا لهذا المعرض الفريد في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، نؤكد على سياسة الدولة بتعظيم الإسلام والتزامها بتراث الإمارات الفني وحب الإنسانية».
من جانبه، ثمن جابي دور إدارة متاحف الشارقة وأشاد بالجهود المبذولة تجاه الفن ودورها الرائد في إعطاء صورة مشرفة وبارزة للحضارة العربية والإسلامية.
يخضع فن الحلية حاليا لإحياء منقطع النظير في تركيا وغيرها من الدول حيث يعمل أبرز فناني الخط المعاصرين على إعادة استكشاف نمطها الكلاسيكي أو الوصول إلى طرق مبتكرة تستوفي حقها ومكانتها. وفي مسعاهم هذا يلتقي الإيمان بالفن والمهارة وتتضح ثمرة المسعى في «الحلية الشريفة» التي صمموها والتي تفوق أهميتها صفتها الجمالية الراقية. ومبدعو هذه «الحلية الشريفة» هم الفنانون: عبد الرزاق قره قاش، وعبد الله غولوجه، وأحمد فارس رزق، وأمير جعفري، وجمعة محمد حمامر، وإحسان أحمدي، ونور عبد السلام الحلواني، وأيوب قوشجو، وفرحات كورلو، وفوزي كونوج، وكورفان بهليوان، وحبيب رمضانبور، وحسن جلبي، وحسين غوندور، وإبراهيم خليل إسلام، وجواد هارون، وكريم أربيلي، ولوند قرا دومان، ومحفوظ عبيدي، ومحمود رهبران، ومحمد جوادزاده، ومحمد علي ساعي، ومدحت توباج، ونور الله أوزديم، وبيمان سادات نجاد، ورامين مرآتي، وسعيد أبو ذراوغلو، وصاش جويك، وتحسين قورت. ومعظمهم من الخطاطين الشباب.
يقول محمد جابي لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من الإشادة بالجهود المبذولة تجاه الفن من قبل متاحف الشارقة ودورها الرائد في إعطاء صورة مشرفة وبارزة للحضارة العربية والإسلامية. وتجسد هذه اللوحات (الحلية الشريفة) المكانة العالية والمنزلة الرفيعة التي يتمتع بها النبي (صلى الله عليه وسلم) في عقول المسلمين في كل مكان وصلت إليه دعوته وأنارت طريق الهدى للبشرية في كل مكان. وقد أعطى المسلمون طيلة الحقب التاريخية الماضية لشخصية الرسول الاهتمام الكبير والحب العظيم ومجدوا صفاته الكاملة في كتب السيرة النبوية العطرة وفي كتب الشمائل النبوية المطهرة».
ولا بد هنا من الإشارة إلى كتابين هما: «الشمائل النبوية» للإمام الترمذي، وكتاب «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» للقاضي عياض اليحصبي في هذا المجال. وهناك كثير من اللوحات مستوحاة من هذين الكتابين. ولهذه اللوحات صلة وطيدة بالخط الحجازي وهو الخط الأول الذي كتب به القرآن الكريم. وجاءت بعده العديد من الخطوط اليابسة واللينة التي تفرعت وتعددت وتطورت ليكتب بها المسلمون المصاحف الكريمة. ولو نظرنا إلى اللوحات الـ64 المعروضة في متحف الشارقة، يتبين لنا أن أجيالا من الخطاطين المسلمين المبدعين قاموا بتطوير أنواع الخطوط في مختلف العصور الإسلامية، بداية من عهد الخلفاء الراشدين والعهد الأموي مرورا بعظماء الخط في العصر العباسي (ابن مقلة، وابن البواب، وياقوت المستعصمي) وانتهاء برواد الخط في العهد العثماني، ومن بينهم كما ذكرنا آنفا الحافظ عثمان، الذي ورث أفضل التقاليد الخطية وأصول النسخ إلى مدارج الجمال والكمال، وأصبحت خطوطه في المصاحف التي كتبها من أجمل الخطوط التي كتبت بها القرآن الكريم على مر العصور وقل أن تضارعها خطوط في جمالياتها الفنية العالية والراقية. ويؤكد جابي، الذي يعود إليه الفضل في إقامة هذا المعرض وتشجيع الفنانين في خط الحلي النبوية، على أن الخطاط الحافظ عثمان هو الذي أخرج للعالم لوحة الحلية النبوية الشريفة التي نبعت من عظيم تقديره وحبه وإجلاله للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم). وقسم هذا الخطاط لوحة «الحلية الشريفة» إلى عدة أقسام، ففي أعلى اللوحة يأتي في «المقام الأول» وفيه تكتب البسملة بخط الثلث أو المحقق، ثم تأتي الدائرة الوسطى التي تسمى «السرة» وهي محاطة برسم هلالي مذهب وفيها يكتب نص الحلية بخط النسخ، وبعد ذلك تأتي أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة، حيث تحيط بـ«السرة» وتكتب بالثلث والنسخ وتحيط بها الزخارف النباتية ويتلو ذلك شريط بخط الثلث يحمل الآية القرآنية «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، ثم يأتي القسم الأخير وفيه نص الحلية وقسم الدعاء وفي نهايته اسم الخطاط وتاريخ كتابة اللوحة. وعلى جانبي القسم الأخير يخصص مكانان بارزان للزخرفة النباتية المميزة.
ويزخر تاريخ فن الخط العربي بفنانين كبار رسخوا لهذا الفن وأبدعوا فيه، أمثال: محمود جلال الدين، ومحمد شفيق، ويحيى حلمي، وحسن رضا، وعبد القادر الشكري، ومحمد شوقي، وأحمد العراف، وعبد العزيز الرفاعي، وهاشم البغدادي، وغيرهم. ومن خلال إبداعات هؤلاء الفنانين وتراكم هذا الفن تأتي اللوحات المعروضة في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية. وتنوعت أساليب كتابة وإخراج الحلية النبوية من الناحية الفنية خلال القرون الثلاثة الماضية وأصبحت لوحة الحلية بهجة للمتذوق بفضل جماليات الخط وروعة التصميم وحلاوة الزخرفة الراقية والجميلة بأنواعها الكلاسيكية القديمة أو بأنواع المدارس الفنية مثل «الباروك» و«الركوكو» أو بأنواع الزخرفة الحديثة.
وقد أبدع الخطاطون من جميع أنحاء العالم في لوحة الحلية النبوية في السنوات العشر الأخيرة، وجاءت هذه الأعمال لتحيي تراثا فنيا إسلاميا عظيما، حيث يتبارى المبدعون في كل من تركيا وإيران وباكستان ودول الشرق الإسلامي. كما دخلت هذه الحليات الفنية الراقية إلى دور المزادات الفنية العالمية مثل مزادات «سوذبي» و«كرستي» و«بونهامز»، وغيرها.

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels