|
نقود رومانية تفند وجود الهيكل المزعوم (الجزيرة نت) |
ميرفت صادق-رام الله
كشفت الحفريات الإسرائيلية تحت وفي محيط المسجد الأقصى مؤخرا عملة نقدية تعود أصولها للعام 16 ميلادية، أي بعد 20 عاما من وفاة "هيرودس الكبير" الذي تدعي الجماعات الاستيطانية اليهودية أنه بنى "هيكلها المزعوم" الذي يبحثون عن آثاره أسفل المسجد الأقصى في القدس المحتلة.
وأوضح خبير الآثار الفلسطيني جمال عمرو أن محاولات الاحتلال المضنية لإثبات وجود الهيكل المزعوم تحت الأقصى باءت بالفشل، حيث إن كل المكتشفات كانت تعود للعصور الأموية والعباسية وصولا للعهد العثماني.
وقال عمرو -للجزيرة نت- إن الحقيقة الأخيرة أذهلت حتى خبراء الآثار الذين انضموا لمشاريع تشويه التاريخ في القدس، عندما حفروا تحت ما يسمى قوس روبنسون في الزاوية الجنوبية للأقصى حيث حائط البراق، وهو الذي يدعون أنه ما تبقى من الهيكل الثاني الذي بناه الملك "هيرودس" الذي توفي عام 4 قبل الميلاد.
وحسب عمرو، فقد عثرت الحفريات في المكان على 17 عملة نقدية و3 قطع فخارية تعود في تاريخها الموثق عليها بوضوح لعهد الملك الروماني فيرليوس جرتوس الذي حكم بالنيابة عن الرومان مدينة القدس.
وأقر علماء الآثار الإسرائيليون أن هذه النقود صكت في عهد جرتوس سنة 16 ميلادية، أي بعد 20 عاما من وفاة هيرودس الذي يدعون أنه بنى الجدار المتبقي من الهيكل الثاني.
|
خبير الآثار الفلسطيني جمال عمرو (الجزيرة نت) |
الصكوك النقدية
وتساءل خبير الآثار عمرو "كيف يستطيع هيرودس أن يضع الصكوك النقدية هذه ويبني عليها الجدار بعد 20 عاما من وفاته؟".
وتزعم الرواية اليهودية أن سليمان عليه السلام بنى "الهيكل العظيم" عام 1015 قبل الميلاد في المكان الذي يتم به الحفر تحت وقرب المسجد الأقصى، بينما بنى الملك هيرودس الهيكل الثاني في عهد لاحق.
وتصر جماعات يهودية متشددة على إعادة بناء الهيكل الثالث الذي تشير إقامته -حسب معتقداتهم- إلى عودة الشعب اليهودي إلى مدينة صهيون (القدس) في آخر الأيام، تحت قيادة المسيح المخلص اليهودي.
ولم يخل هذا الاكتشاف الأخير -رغم الدلائل القاطعة التي تفند بناء الهيكل في ذلك المكان- من محاولة التشويه بواسطة دائرة الآثار الإسرائيلية التي زعمت بوجود اشتباه بأن هيرودس بدأ البناء وأن إكماله جاء بعد وفاته.
وطالب الخبير عمرو المؤسسات الدولية المعنية بالتراث الحضاري وعلى رأسها اليونسكو بالاطلاع على هذه النقود المكتشفة باعتبارها إثباتا لعدم شرعية الحفريات التي يجريها الاحتلال تحت الأقصى، تحت ادعاء وجود "الهيكل" واستنادا لفتاوى توراتية أو تأويلات لمؤرخين صهاينة.
|
17 قطعة نقدية من العهد الروماني تدحض ادعاءات بناء الهيكل أسفل الأقصى (الجزيرة نت) |
خطر الانهيار
ولغرض إثبات وجود الهيكل كما أعلنت، حفرت آليات ما تسمى "دائرة الآثار الإسرائيلية" في السنوات الأخيرة سلسلة أنفاق تحت وفي محيط المسجد الأقصى ومساطبه وساحاته، حتى باتت تهدد أساساته وتنذر بخطر انهياره، كما يؤكد خبراء الآثار الفلسطينيون.
وأوضح الخبير جمال عمرو إن الاحتلال أقام 54 حفرية تحت المسجد الأقصى ومرافقه والأحياء المحيطة به، فغيرت كل ملامح المدينة المقدسة وأقصت سكانها خارجها وجعلت من تبقى منهم تحت خطر الموت بسبب الحفريات والانهيارات أسفل منازلهم.
وحسب عمرو، فقد تمت هذه الحفريات بصورة غير مهنية، إذ إن البحث يتم بالجرّافات المحظور استخدامها في الحفريات الأثرية. وأدى ذلك إلى استحداث 61 كنيسا لليهود تم بناؤها فوق الأرض وتحتها لم تكن موجودة من قبل.
وقال عمرو إن هذه الحفريات تقوض جديا أساسات المسجد الأقصى وتهدد بسقوطه فعلا، إذ تظهر التشققات الكبيرة والطويلة على معظم مباني ومرافق الحرم القدسي وخاصة جدران المتحف الإسلامي والمصلى القديم والمصلى المرواني.
وأدت الحفريات مؤخرا إلى سقوط أشجار معمرة في ساحة المسجد الأقصى بسبب الفراغات الأرضية تحتها مباشرة، كما هبط درج المجلس الإسلامي الأعلى وتضررت جدران وأساسات المدارس المملوكية غرب الأقصى.
|
المفتي محمد حسين (الجزيرة نت) |
وقف الحفريات
ودعا الخبير الفلسطيني منظمة اليونسكو -التي قال إنها " اهتزت بعد هدم صنمي بوذا في أفغانستان" باعتبارهما معلمين حضاريين، ولا تتنبه إلى ما يحدث في "أغنى وأول حضارة للإنسانية فوق الأرض"- للتحرك لوقف الحفريات تحت المسجد الأقصى وفي كل مناطق القدس، والسماح بترميم ما دمرته الحفريات خاصة بعد قبول فلسطين عضوا كاملا في هذه المنظمة.
وترافق الكشف عن النقود الرومانية مع بدء الاحتلال في بناء كنس يهودية جديدة "للمصليات اليهوديات" أسفل منطقة مدخل باب المغاربة غرب المسجد الأقصى، كما أوضح مفتي القدس محمد حسين.
وقال حسين، في مؤتمر صحفي لتسليط الضوء على مخاطر الحفريات الإسرائيلية في القدس، إن المخطط الإسرائيلي يشكل خطرا كبيرا على المسجد الأقصى ويؤثر على حائط البراق الذي يشكل الجدار الغربي الجنوبي للمسجد. مبينا أن هذا المخطط جزء من عملية التهويد الشاملة لمنطقة فوق وتحت حائط وساحة البراق.
وذكّر المفتي أن حائط وساحة البراق هي ملك إسلامي خالص أقرته وساندته لجنة دولية شكلت في أعقاب ما عرف بثورة البراق عام 1929، وسمح على إثرها لليهود بزيارة المكان فقط.
وبدأت سلطات الاحتلال بهدم طريق باب المغاربة الممتد من ساحة البراق إلى المسجد الأقصى منذ شباط 2007 بغية تأمين طريق لقوات الأمن باتجاه ساحات المسجد الأقصى لتسهيل اقتحامه في أي وقت، وتحول المكان إلى ورشة حفر وبناء كنس ومرافق للمستوطنين تهدد المسجد الأقصى وأساساته بصورة مباشرة.