الاثنين، 14 أغسطس 2017

Islamic art الخزف الاسلامي

Islamic art الخزف الاسلامي 

Syria Today Toronto Canada




الخـزف الاسلامـي

بين التأثيرات والصياغـة الفنية

تعتبر صناعة الفخار واحدة
من اقدم "الفنون" التي خدمت الكائن البشري ولبت حاجاته اليومية.
فمجتمعات الشرق الاولى هي
بالتأكيد اقدم المجتمعات التي نملك دليلا قاطعا على وجود تراث عريق
في فن الخزف لديها، يعود الى حوالي سبعة آلاف عام.
وقد عرف الفخار قبل ذلك
بكثير حين اكتشف الانسان ليونة الطين وقدرته على تشكيله حسب رغباته،
وحاجاته الفردية، وادى تطور تلك المجتمعات الى تطور حاجاتها
ورغباتها مما دفع بالفخار وبصناعة الخزف الى قيام صناعة فنية
متكاملة.
يبدأ تاريخ الخزف الاسلامي
مع ادراك العرب للحس الجمالي في الاعمال الخزفية عند حلول القرن
التاسع الميلادي، اذ بقي الخزف قبل هذا القرن، استمرارا لما صنع
قبل الاسلام وهو عبارة عن أوان غير مزججة او فخارية مغطاة بغطاء
كلسي التركيب وخزفيات ملونة بالكوارتز.
اما بالنسبة للزخارف فقد
اقتصرت على النقوش البسيطة نافرة او محززة في سطوح الاواني
الفخارية. واستعملت تلك الاواني لقضاء حاجات يومية كحفظ الطعام
والشراب والعطور. الا انه ظهر فيما بعد الاتجاه نحو جمالية الخزف
بتأثير من الخزف الصيني مع بداية العام 750 ميلادي.
واثر تزايد متطلبات حياة
المدينة، تطورت صناعة الخزف في العراق حيث كشفت التقنيات الاثرية
في مدينة سامراء عن اعمال خزفية ذات سطوح مبرقطة ترجع جميعها الى
سلالة "تانغ" الصينية.
وفي سامراء ايضا وجدت اعمال
خزفية صينية الى جانب الاعمال الخزفية المحلية الا انها تقليد
للخزف الصيني، لكن تلك الخزفيات المحلية لم تستمر في تقليد الخزف
الصيني، بل بدأ الخزافون المحليون في العراق بابتداع اسلوب خاص بهم،
وتوصلوا الى ايجاد الوان زجاجية جيدة اعطت الخزفيات مظهرا قريا جدا
من البورسلين الصيني، حيث لم يتمكنوا قبل ذلك من الوصول الى معرفة
مكوناته، وتوصلوا ايضا الى اكساب اعمالهم اللون اللامع، وهو اكتشاف
تاريخي حيث بقي سرا لدى خزافي الشرق الادنى لقرون عديدة.
لقد رفض الخزافون المسلمون
الاستمرار في تقليد الخزف الصيني فابتكروا اساليبهم الجديدة في
الزخارف والالوان والصنعة. فظهرت الزخارف المحفورة في السطوح تحت
اللون الزجاجي معتمدة العناصر الزخرفية واشكال بعض الحيوانات مثل
الطيور والبواشق. كما عثر على خزفيات ملونة، منها ما اعتمد فيها
الزخارف المحزوزة تحت الطلاء ومنها بزخارف محفورة وهي مشابهة لخزف
بلاد الرافدين في مناطق مثل مصر وايران. حيث تميزت بعض الاواني
الخزفية بتركيب يدخل فيه الرصاص وتميزت ايضا بالزخارف البارزة. ففي
هذا النوع ترسم العناصر الزخرفية بارزة عن المستوى الاصلي لسطح
الاناء بكثير ولم يقتصر هذا الاسلوب على منطقة بعينها بل شهد
انتشارا واسعا في بلدان الدولة الاسلامية، حيث وجد في قصور سامراء
محتفظا بلونه البراق اللامع.
بالاضافة الى ذلك هناك نوع
آخر من خزفيات بلاد الرافدين يرجع الى الفترة الزمنية الممتدة بين
القرن التاسع وأوائل القرن العاشر ويتميز هذا النوع بالالوان
الزرقاء والصفراء والخضراء تحت الطراء الزجاجي وبزخارفه النباتية
الموشحة بالخط الكوفي الذي يعتمد تكرار المفردة وغالبا ما تكون هذه
المفردة لفظ الجلالة، ليخلق نوعا من التجانس البصري بين شكل
المفردة ودلالاتها.
ولعل اهم انواع الخزف
الاسلامي والمزجج في بلاد الرافدين هو الخزف ذو البريق المعدني،
حيث حرص الفنان المسلم على ابتكار نوع من الخزف الفاخر والذي يصلح
لكي يحل محل أوني الذهب والفضة والتي كانت شائعة قبل الاسلام. وكان
اول ظهور لهذا النوع من الخزف في العصر العباسي الذي ينسب اليه
اقدم ما وصلنا منه.
ومما يؤكد نسبته لهذا العصر
تلك المجموعة الكبيرة من القطع الخزفية ذات البريق المعدني التي
كسيت بها جدران القصر الخاقاني في سامراء. وعثر على قطع من هذا
النوع في المراكز التي زاولت صناعته مثل سمرقند وسوسة وفي مدينة
الزهراء بالاندلس. واغلب الظن ان هذه القطع الخزفية صنعت في العراق
ثم نقلت الى تلك البقاع.
وتوجد في حائط القبلة في
المسجد الجامع بمدينة القيروان بلاطات مربعة ذات بريق معدني وضعت
في ترتيب هندسي على وجه المحراب داخل التجويف وينطبق اسلوب هذه
الترابيع تماما على اسلوب سامراء الخزفي، بل ان تلك الاعمال
الزخرفية تكاد لا تخرج عن ادق التفاصيل في الاسلوب المذكور.
اما اهم ميزات هذا النوع من
الخزف من حيث الصنعة فهو من صلصال اخضر او ابيض نقي، ويغطى بطبقة
غير شفافة من الميناء القصديرية، ترسم عليها العناصر الزخرفية
بالكاسية المعدنية بعد حرقها للمرة الاولى، ثم تحرق مرة ثانية بشكل
بطيء ضمن درجة حرارة اقل من الاولى، فتتحول تلك الاكاسيد المعدنية
باتحادها مع الدخان الى طبقة معدنية رقيقة جدا ويصبح لون البريق
المعدني اما ذهبيا واما لونا براقا من الوان البني او الاحمر حسب
التركيب الكيميائي للطلاء المستعمل.
استنادا الى هذا التاريخ
الفني الحافل بالمبتكرات شهدت الحركة التشكلية العربية ومنذ نصف
قرن تقريبا محاولات عديدة لاحياء هذا الفن على يد جدملة من
الفنانين العرب المعاصرين، والذين سعوا لجعل الخزف وسيلة تعبير
فنية تشكيلية، تستطيع التعبير عما يريد الفنان قوله، وهكذا اخضعت
مفاهيم اعادة احياء هذا الفن الى عوامل جديدة، ترتبط بالخزف الفني
بشكل اساسي، حيث انفصل فن الخزف عن الصناعة واخذت الاشكال المصنوعة
آليا او يدويا على نطاق واسع اشكالا نفعية بينما اتجه الفنان الى
الخزف ليقدم لنا عبره صيغة فنية تؤكد على الجانب الجمالي بحيث
تفردت قطعة الخزف واصبحت عبارة عن لوحة فنية تحمل نفس المفاهيم
وتقدم الصيغة المعاصرة لفن الخزف على انه فن تشكيلي اكثر مما هو فن
تطبيقي نفعي. هذه الصيغة الجديدة عكست عدة تأثيرات فنية، ذلك أن
الخزافين الاوائل قد تأثروا بحكم دراستهم واطلاعهم بمختلف مدارس
الخزف المعاصر وجمالياته، ومفاهيمه.

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels