الاثنين، 15 مارس 2010

محمد الكحلاوي لـ"السياسي": اليونسكو تكيل بمكيالين



محمد الكحلاوي لـ"السياسي": اليونسكو تكيل بمكيالين
حوار
3/6/2010 6:23:00 AM GMT



القاهرة - سعاد سليمان

بالرغم من نشأته في بيئة فنية، وتحديدا بيئة امتزج فيها الفن مع التصوف، فكان من المتوقع أن تتسم شخصية الدكتور محمد محمد الكحلاوي أستاذ الآثار والخبير الدولي للآثار المصرية، وابن المطرب الكبير محمد الكحلاوي وشقيق الداعية الإسلامية الدكتورة عبلة الكحلاوي، بالهدوء والركون إلى المسالمة. ولكنه في الواقع على النقيض من هذا، فهو محارب شرس، لا يتخلى عن مبادئه ولا يتنازل عن حق يدافع عنه حتى لو تعرض للتهديد بالقتل، أو أصبح يحارب وحده في سبيل قضيته.
ومنذ أن أعلنت السلطات الإسرائيلية ضم كل من الحرم الإبراهيمي وقبر بلال مؤذن الرسول إلى التراث اليهودي، لم تهدأ ثائرة الدكتور الكحلاوي، وأجبر من خلال انتقاده لموقف اليونسكو في كل وسائل الإعلام العالمية أن تتخلي عن تجاهلها وصمتها عما يحدث، وتصدر بيانا تؤكد أنها لم تتلقَّ أي طلب من أية جهة حكومية عربية لاتخاذ موقف ضد إسرائيل.. وهو المبرر الذي رفضه الدكتور الكحلاوي.


لماذا وجهت اتهاماتك إلى اليونسكو بالتواطؤ على ما يحدث في القدس؟

بعد ما أطلعنا السيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بضم الحرم الإبراهيمي وجامع بلال على قائمة التراث اليهودي، وكنت أتصور أن الدنيا سوف تقوم ولن تقعد على هذا القرار، لكن الدنيا ارتاحت إلا مجموعة كنت أنا واحدا منهم. وهؤلاء يؤمنون بأن هناك مخاطر ولا بد أن يكون عند الناس ثقافة للمخاطر المحدقة بالتراث العربي والفلسطيني، أو التراث الإسلامي وبخاصة التراث المقدس والمسجد الأقصى والحرم القدسي والحرم الإبراهيمي والمساجد بشكل عام الموجودة في حوزة العدو الصهيوني.
واعتبرت أن هذا الأمر جاء لتُستكمل به ملامح سقوط الوزير العربي المصري فاروق حسني من اليونسكو، لأنه ما كان لوزير عربي أياً كانت الدولة التي ينتمي إليها، سيوقّع على هذا القرار للجانب الإسرائيلي.
ولذلك قلت إن هذه سلسلة متصلة من الأحداث، وهاجمت اليونسكو كمنظمة عالمية تهتم بالتراث. وهي في الواقع تكيل بمكيالين، وتتلكأ في هذا أو تأخذ في اعتبارها أنه لماذا تنفذ هي القرار مادامت الأمم المتحدة نفسها لم تُلزم إسرائيل بقرار، فكيف تعاتبون أو توجهون اللوم لمنظمة ثقافية تراثية..
لكنهم فوجئوا بأننا لم نسكت، فقد عملنا خمسة أو ستة لقاءات في التليفزيونات العربية والدولية، كان من بينها لقاء في النيل في الأخبار كان آخرها مع الأستاذ جمال الغيطاني. ولم يكن لدي غير أن ألجأ إلى الرأي العام، وفوجئت بالفعل أن اليونسكو يخرج تصريحا استنكاريا على ما فعلته إسرائيل، وهذا يحدث لأول مرة.

أصدرت بوكوفا بيانا أكدت فيه أنها لا تتعامل مع هيئات أهلية، وأنه ليس هناك منظمة حكومية طلبت منها التدخل.. فهل لهذا السبب لم تستجب لنداء اتحاد الآثاريين العرب؟

نحن منظمة غير حكومية، وليس من حقنا أن ندعو اليونسكو للاجتماع، اليونسكو تتكون من دول وليس من منظمات غير حكومية. وهذه هي القضية التي يتعلل بها اليونسكو لأنني سبق لي أن تعاملت مع اليونسكو كرجل خبير، وقلت لهم هذا الأمر- في مسائل أخرى- قضية خطيرة جداً، والعالم العربي الإسلامي صامت تجاهها. وأنا في شدة الحزن لأن مؤتمر السلام العربي عندما اجتمع وزراء الخارجية العرب، كان أملي ألا يمهلوا إسرائيل أربعة شهور لعملية السلام قبل أن تعتذر وتسحب هذا الطلب الاستفزازي.
وهذا نوع من أنواع الإساءة لشعوب هي أعضاء في الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو، فهي تسيء لهذه الشعوب.. إذن، فلماذا أتعامل مع هذه المنظمات. كنت أتمنى ألا تطلب الدول العربية الإسلامية من الحكومة الإسرائيلية التراجع عن هذا القرار، حتى ولو كان ليس له قيمة.

ألهذا السبب طلبتَ تجميد عضوية كل الدول العربية في اليونسكو؟

أنا تكلمت إسقاطاً على ما حدث بالأمس.. كنت أطلب إذا استمر هذا الأمر، لو كان اليونسكو لم ينصاع لهذا، وأخذ هذا الطلب الإسرائيلي ودرسه، كنت أطلب من العالم العربي والإسلامي أن يجمد عضويته في اليونسكو، وأن يقف وقفة لها دورها، فطوال عمرنا كنا رد الفعل، وعمرنا ما كنا الفعل نفسه.

هل لو استجابت الدول العربية لندائك بتجميد عضويتها في اليونسكو، كانت ستُحل المشكلة؟

طبعاً، اليونسكو لا ينفع لعمل شيء من غير العالم العربي.. وفي تصوري أنها المنظمة الوحيدة التي لا تصلح من غير العالم العربي؛ لأنها ببساطة تدير أولاً وأخيراً تراث العالم العربي. فمجمل أرض الحضارة العربية وأرض الحضارة المصرية، عندما نقول إننا ثلث التراث العالمي، بل تمثل أكثر من نصفه، لأننا ننظر إليها من حيث المواقع ولم ننظر إليها بالتعداد الأثري. وماذا عن بلاد الرافدين وبلاد الشام والمغرب والنوبة وجزيرة العرب، إذن نحن أمام كتلة جغرافية تمتلك حضارات.

قلت إن هذا كان استكمالاً لضياع فرصة الوزير فاروق حسني في اليونسكو.. هل كنت تتوقع لو أن فاروق حسني هو الذي يدير اليونسكو الآن كانت الأمور ستختلف؟


طبعاً.


ولكن منظمة الأليسكو دعت الى مؤتمر في "معهد العالم العربي" في باريس لمناقشة القضية.. أليس لهذا فائدة من وجهة نظرك؟

هناك أمور لا أحب أن أعلق عليها، بعد التدمير الذي حدث للبشر في غزة، وضرب التراث الفلسطيني وهدم المساجد بالقنابل بشكل غير طبيعي. أنا طلبت من الأليسكو أن يدعم مؤتمر اتحاد الآثاريين العرب في رفح، نعمله على الحدود كنوع من أنواع لفت نظر العالم كله. فهو مؤتمر كل الآثاريين العرب من المحيط إلى الخليج إيماناً بأن هذه الحدود مصطنعة وليست حقيقية، وإيماناً بما يحدث من تجاوزات بشأن التراث الثقافي في فلسطين، ماذا رد الأليسكو، الرفض طبعا..


هناك مفارقة، وهي أنك تعزو عدم فوز الوزير المصري باليونسكو إلى أمور خارجية، أما داخلياً فمعاركك مع وزارة الثقافة وفاروق حسني وكل ما يختص بالقائمين على الآثار المصرية معركة مستمرة ودائمة وطاحنة..

هذا يُظهر لك أن العبد لله الذي يجلس أمامك ليس لديه أية أطماع شخصية، فأنا لا أطعن في الشخص لنفسه وإنما أطعن فيه لمشروعاته، فالمثل يقول "أنا وابن عمي على الغريب".. أنا اليوم عندي تحفظات على هذه المشروعات، فأبين مخاطرها وأبين أسلوبها الخاطئ. وهذا واجبي دون أن أجامل أحداً، لكن عندما يكون هذا النموذج على رأس ثقافة العالم، فلا بد من أن أكون داعما لهذا الأمر؛ لأن في الأول والآخر أخطاؤه محلية وليست إقليمية.

لكنها فادحة يا دكتور!

معلش، فادحة ولكنها لا ترقى لمستوى ضياع هوية بلد أو قُطر، ففاروق حسني لم يعمل على ضياع الهوية المصرية، ولكن قد يكون أسند العمل لأناس غير متخصصين أفسدوا الآثار، وهذا خطأ.. لكن لما أرى اليونسكو المنوط به حماية التراث هو الذي يعمل ويساعد على ضياع هوية بلد بأكملها فتلك هي الكارثة. هناك هوية تُزرع من جديد وديموغرافية تتحرك وجغرافيا جديدة وبشر يُقتلون، والمشايخ والخطباء في المسجد الأقصى الذين يضعونهم في البوكسات ويمنعونهم من الخطبة.


لماذا لا توجه نداء إلى وزير الثقافة المصري بالتدخل، على اعتبار أن وزارة الثقافة المصرية هيئة حكومية رسمية؟


يعني الأزهر ولاّ وزير الثقافة؟ أنا أقول الأزهر، لأنه بكلمة منه تشحن الهمم على مستوى العالم الإسلامي.

أرشيف المدونة

المسجد النبوي الشريف - جولة إفتراضية ثلاثية الأبعاد

About This Blog


Labels